الإمام الصادق الذي كان يعيش في ظروف تقية، وفي ظل ضغوطات الحكام الظلمة، ولم يكن يمتلك أية سلطة تنفيذية، وكان في معظم الأحيان يخضع للمراقبة والمحاصرة، ومع هذا يقوم بتعيين التكاليف للمسلمين، وينصب حكامًا وقضاة.
فما معنى هذا التصرف منه؟ وأساسًا ما الفائدة المترتبة على هذا النصب والعزل ؟ إن الرجال العظماء ذوي الآفاق الفكرية الواسعة لا يشعرون باليأس في أي وقت من الأوقات، ولا ينظرون إلى وضعهم الحالي، حيث يكونون في السجن، وليس من المعلوم أنهم سيخرجون منه أم لا. بل يخططون للتقدم في أهدافهم مهما كانت الظروف التي يعيشونها، لكي ينفِّذوا تلك الخطط فيما بعد بأنفسهم إذا تمكنوا، وإذا لم تسنح لهم الفرصة، يقوم بذلك الآخرون- ولو بعد مئتين أو ثلاثمائة عام الكثير- من النهضات الكبرى بدأت بهذا الشكل. ..والإمام الصادق- عدا عن وضع الخطة – قام بالنصب والتعيين ايضا . لوكان عمل الامام ناظرًا لذلك الوقت فقط، لكان عمله هذا ضربًا من اللغو، لكنه كان يفكر بالمستقبل .فهو لم يكن مثلنا مشغولاً بنفسه ومهتمًا بوضعه فقط. كان يحمل هم الاُمة والبشرية ، بل وجميع العالم.
كان يريد إصلاح البشر، وتطبيق قوانين العدل. كان عليه أن يقوم بالتخطيط والتعيين منذ ألف وعدة مئات من السنين، لكي يتوصل إلى يقظة الشعوب هذه الأيام، وإلى وعي الاُمة الإسلامية وثورتها. لم يبق ثمة تحير، فوضع الحكومة الإسلامية ورئيس الإسلام معلوم.