مما لاشك فيه أن من المنجزات العظيمة للامام الخميني (قدس سره)في عصرنا الحاضر إعادة إحياء وتعريف الاسلام المحمدي الاصيل الذي يلعب دوراً مهماً في كافة جوانب الحياة الفردية والاجتماعية للانسان ويبلى متطلباته وهواجسه. حيث كان هذا الاسلام الاصيل الذي قدّمه الامام الراحل يواجه نوعين من التيارات المعارضة للدين الالهي. أحدهما صادر عن ضيقى الافق أصحاب الفكر المنحرف الذين يحاولون جعل فهمهم الناقص والنسبي عن الدين يحل محل الحقيقة الصافية والمطلقة للديانة الحقيقة. ويحصرون شمولية الاسلام الحقيقي بكافة جوانبه ضمن قيود القشرية والتحجر المصطنعة. والاخر صادر عن الخبثاء الجشعين الذين رأوا أن الدين الصحيح حائل دون وصولهم إلى رغباتهم وجشعهم وبلطجيتهم، فقامو إما لإسقاطه بالكامل عن ساحة الفكر والحياة للبشر أو في حال لم تتوفر لهم إمكانية هذا الامر سعوا إلى فرض صورة مزيفة عن الديانة الحقيقية على المجتمع بحيث تتوافق و تنسجم مع أهوائهم وميولهم. لقد شق الامام على طريقة لتصوير الصراط المستقيم للتدين على الدوام وذلك للفصل بين هذين النوعين، أي الاسلام الصحيح والتيارات المنحرفة عن الشريعة الاسلامية (الاسلام الامريكي)وعرض السمات الرئيسية لكل منهما ليُظهر بذلك الوجه الحقيقي للديانة والمعنوية الصحيحة للعالم الغارق في غفلة.
إن الاسلام الصحيح الذي قدّمه الامام يليق بأن يتواجد في جميع ساحات الحياة الفردية والاجتماعية والسياسية للانسان المعاصر كما أنه يتحلى بالقدرة على إدارة الحياة المادية للبشرية بشكل معقول. هذا مع اهتمامه في الوقت ذاته بتحقيق العدالة الاجتماعية وإرساء الحرية والتحرر بين البشر. هذا الاسلام الاصيل في الوقت الذي يقارع فيه باستمرار الظلم والمترفين والسلطويين المستكبرين في العالم، يتخذ من الصراط المستقيم للوحي، اسلاماً وسطياً، بين افراط المتحجرين والسطحيين والمتعصّبين، وافراط المتجددين والمثقفين المنحازين الى الشرق والغرب. ومن الواضح، تماما، بأنّ حكومة هكذا الاسلام، في الواقع تتحقق اذا ما وقف ذاتيا ضد بقاء حكم المترفين المستكبرين. وفي حالة عدم امكان حذف مثل هذا النظام والفكر، فانّهم يسعون الى تقديم وعرض بديل ومنحرف للدين الاصيل، وذلك بصورتين من الافراط: اسلام متشدّد وغير معقول واسلام استسلام وخنوع متحيّز للظالمين. لذلك، فالمستكبرون يعملون لتنفيذ الاسلام المذكور وحذف الفكر الاسلامي الاصيل من الساحة. لذا، نرى في فكر الامام الخميني (قدس سره)الثاقب الناظر للمستقبل بأنّ احدى ساحات الكفاح المهمة في المستقبل للشعوب المستضعفة ومدافعى الاسلام الحقيقي، ستكون ساحة مقارعة ونضال وجهاد مع نماذج منحرفة ومختلقة من قبل القوى العالمية، من الفكر الاسلامي في شَكلَيه الافراط والتفريط، الذي نشاهده اليوم وقد خيّم على دين الاسلام وشعوب العالم. هذا الفكر المنحرف الذي عبّر عنه الامام المعظم (قدس سره)بالاسلام الاميركى، اسلام المجرمين والعملاء..
«اللهم، ان الإسلام مبتلى اليوم بمنافقين هم أكثر جريمة من "النهروان" الذين يدمرونه باسم الإسلام، ويتساومون مع اعداء الإسلام باسم الإسلام، وفي الحقيقة لنهب ثروات الشعوب المظلومة والمحرومة وسجن أحرار الشعوب.»
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج16، ص: 290