مع حلول شهر محرم، بدأ شهر الملاحم والشجاعة والتضحية، الشهر الذي انتصر فيه السيف على الدم، الشهر الذي أدانت فيه قوة الحق الباطل الى الأبد، ووصمت جبهة الظالمين والحكومات الشيطانية بالباطل، الشهر الذي علّم الاجيال طيلة التاريخ طريق الانتصار عليالحراب، الشهر الذي سجل هزيمة القوى الكبرى أمام حكمة الحق، الشهر الذي علمنا إمام المسلمين فيه طريق محاربة الظالمين، الطريق الذي يجب أن تتغلب بموجبه قبضات الأحرار والمطالبين بالاستقلال على الدبابات والرشاشات وجنود إبليس، وتمحو حكومة الحق الباطل، لقدعلمنا إمام المسلمين أن ننهض ونستنكر إذا ما حكم طغاة العصر المسلمين بجور حتى وإن لم تكن قواكم متحدة، وأن نضحي ونقدم الدماء إذا رأينا كيان الإسلام في خطر.
والآن وقد أصبح شهر محرم كالسيف الالهي بيد جنود الإسلام وعلماء الدين المعظّمين والخطباء المحترمين، وشيعة سيد الشهداء- عَليهِ الصلاة والسَلام- فإن عليهم أن يستغلوه الاستغلال الأمثل، ويجتثوا بالانكال على القوة الالهية الجذور المتبقية من شجرة الظلم والخيانة هذه، فشهر محرم هو شهر هزيمة القوى اليزيدية والحيل الشيطانية، وليقيموا مجالس تأبين سيد المظلومين والأحرار التي هي مجالس تغلُّب جنود العقل على الجهل، والعدل على الظلم والأمانة على الخيانة، والحكومة الإسلامية على حكومة الطاغوت، وليرفعوا أعلام عاشوراء الدموية علامة لحلول يوم انتقام المظلوم من الظالم.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج5، ص: 50
فلسفة ثورة عاشوراء
قام سيد الشهداء- سلام الله عليه- بعدد من أصحابه وذوي رحمِه ومخدَّراته بالثورة، ولأن قيامه كان لله دَمَّر سلطان ذلك الخبيث.
قُتِلَ في الظاهر، لكنه قضى على أساس الملك الذي كان يُريد أن يجعل الإسلام مُلكاًطاغوتيا.
فخطر معاوية ويزيد على الإسلام لم يكن في أنهما غصبا الخلافة، فهذا أقل من ذاك.
خطرهما كان في أنهما كانا يريدان أن يجعلا الإسلام ملكاً عضوضاً.
كانا يريدان أن يُحيلا المعنوية إلى الطاغوت، ويجعلاها نظاماً مستبدّاً بدعوى أنهما خليفتا رسول الله.
هذا هو الخطر الذي كان هذان الاثنان يريدان أن يضربا به الإسلام، أو ضرباه بمالم يضربه به السابقون.
كان هذان يرميان إلى اجتثاث الإسلام من جذوره، فكان السلطان والخمر والقمار في مجالسهما.
خليفة رسول الله وفي مجلسه الخمر والقمار؟ وكان الخليفة يصلي ويؤم الناس في صلاتهم.
هذا هو الخطر الكبير على الإسلام الذي رفعه عنه سيد الشهداء.
لم تكن القضية غصب الخلافة، فثورة سيد الشهداء- سلام الله عليه- كانت ثورة على السلطان الطاغوتي الذي كان يريد أن يصبغ الإسلام- لو كان يستطيع- صبغة تُحيلُه إلى شيء آخر مثل نظام 2500 سنة من الحكم الملكي.
الإسلام الذي كان قد جاء للقضاء على التسلط وأمثال هذه الأنظمة، ويقيم في الدنيا حكماً إلهياً، كان يريد أن يهزم الطاغوت، ويجعل (الله) مكانَه.
كان أولئك يريدون أن يرفعوا (الله) ويجعلوا الطاغوت مكانَه، وتلك هي قضايا الجاهلية الأولى.
فاستشهاد سيد الشهداء- سلام الله عليه- لم يكن هزيمة، لأنّ القيام لله ليس له هزيمة.
يقول الله- تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ).
فالرسول الأكرم واسطة، والله واعظ، والأمَّة متّعظة.
والموعظة واحدة لا أكثر هي أن تقوموا لله عندما ترون دينه في خطر.
فأمير المؤمنين كان يرى دين الله في خطر إذ رأى معاوية يقلبه، فقام لله، وسيد الشهداء ايضاً قام لله على هذا النحو.
كلما رأيتم الإسلام في خطر قوموا لله، وهذه موعظة ليست لزمان دون زمان، فموعظة الله دائمة.
في كل حين رأيتم أعداء الإسلام المخالفين للنظام الإنساني الإلهي يريدون قلب أحكام الإسلام باسمه، ويعملون على حطمِه باسم الإسلام، وجب عليكم القيام لله.
ولا تخشَوا قائلين: ربما لا نستطيع، رُبّما نُهْزَم، فليس فيه هزيمة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج8، ص: 14
معنى عبارة: كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء
كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء)! إنها كلمة عظيمة، يسيئون فهمها. إنهم يتصورون بأن معناها هو ضرورة البكاء كل يوم! ولكن مضمونها ليس كذلك. ماذا عملت كربلاء؟ أي دور أدته ارض كربلاء في يوم عاشوراء؟ ينبغي أن تكون كل ارض هكذا! إن دور كربلاء كان يتمثل بمجيء سيد الشهداء الحسين- سلام الله عليه- ومعه فئة قليلة الى كربلاء ليقفوا بوجه ظلم امبراطور الزمان يزيد، فضحوه فقتلهم، لكنهم لم يقبلوا الظلم فهزموا يزيد. لابد أن يكون كل مكان هكذا! ولابد لشعبنا أن يدرك أن اليوم هو عاشوراء، فلابد لنا من الوقوف بوجه الظلم. وأن هذا المكان هو كربلاء! فلابد لنا من تنفيذ دور كربلاء، فليكن كل يوم عاشوراء لأنه ليس محصوراً بأرض محددة ولا بأفراد معينين. فكل الأرض وكل الأيام يجب أن تؤدي هذا الدور.
ولابد للشعب أن يقف دائماً بوجه الظلم وأن لا يغفل عن ذلك! فقد ورد في بعض الروايات - ولا أعلم الآن مدى صحتها او سقمها- أن أحد المستحبات أن يكون المؤمنون في حالة انتظار ولديهم أسلحة، لا أن يضعوها جانباً ويجلسون منتظرين! بل يجب عليهم حمل الأسلحة للوقوف بوجه الظلم والجور. إنه واجب شرعي! إنه نهي عن المنكر! إن الوقوف بوجه الأجهزة الظالمة، وخصوصاً تلك التي تعارض الأساس، واجب شرعي علينا جميعاً!
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج10، ص: 92
(كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء) فهذه المقولة يجب أن تكون قدوة للأمة الإسلامية، القيام في كل مكان وفي كل زمان، فعاشوراء قيام عدد قليل من المطالبين بالعدالة يملأهم الإيمان والعشق في وجه الظلمة والمستكبرين، وهذه الحادثة يجب أن تكون قدوة في كل مكان وزمان.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج9، ص: 345
عبرة عاشوراء
كانت كربلاء مثل هذه القضايا ولكنها هانت لأنها كانت في سبيل الله. لقد قرأتم عبارة (كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء) إنها عبارة تربوية، وليس معناها أن كل يوم كربلاء فابكوا! انظروا أي ميدان كانت كربلاء، فلابدّ ان يكون ذلك الميدان موجوداً في كل يوم، وهو تصدي الإسلام للكفر، وتصدي العدالة للظلم، ووقوف الفئة القليلة المؤمنة بوجه الفئة الكبيرة العديمة الايمان! فلا تخافوا قلة العدد ولا تخشوا الهزيمة! فعندما يكون العمل لله فليس هناك من خسارة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج10، ص13
سيد الشهداء أحيا الإسلام
ان الإسلام الذي ترونه اليوم قد أحياه سيد الشهداء- سلام الله عليه- بعد أن ضحى بنفسه واولاده وأصحابه وأمواله وآماله، طبعاً لم يكن له مالًا ولا آمالًا، وكلما كان يملك هو الشباب والأصحاب وقد ضحى بهم في سبيل الله وثار في وجه الظلم ورفع راية الإسلام عالياً. لقد ثار على امبراطورية ذلك الزمان وهي أشد ظلماً من إمبراطوريات زماننا هذا، ثار بفئة قليلة وتغلب عليها بهذا العدد القليل واستشهد في هذه المواجهة. سحق الظلم وتغلب عليه ومنذ ذلك الوقت وبناء على تأكيد الإمام الصادق (ع) وبقية أئمة الهدى (ع) ونحن نقيم مجالس العزاء ونسير على خطى الحسين (ع) في مواجهة الظلم والظالمين. لقد أحيينا وأحيا خطباؤنا قضية كربلاء، قضية مواجهة فئة قليلة مؤمنة لنظام طاغوتي جبار. إن البكاء على الشهيد إحياء الثورة ومتابعة للمسيرة، وقد ورد في الروايات أن من بكى على الحسين أو أبكى مأواه الجنة لأن من يبكي أو يحاول البكاء على الحسين (ع)، فقد حافظ على تلك النهضة وعلى ثورة الحسين (ع)، ولهذه المجالس دور كبير في بث روح الايمان في نفوس أفراد الشعب والحفاظ على روحهم الثورية.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج10، ص228
درس عاشوراء
لقد ذهب الامام الحسين (ع) بفئة قليلة وضحى بكل شيء للوقوف في وجه الظلم ورفضه. ولذا علينا أن نرفض الظلم في كل زمان ومكان كما فعل الحسين (ع). إن مجالس العزاء التي ترونها تهدف إلى الحفاظ على هذا الرفض وعلى هذه ال- (لا) .. يجب أن لا يظن أطفالنا وشبابنا أن القضية مجرد بكاء ونياح كما يحاول الأعداء أن يصوروها الأمر لكم. إن الأعداء يخشون من هذا البكاء لأنه بكاء على المظلوم وصرخة في وجه الظالم، ومسيرات تندد بالظالم. علينا أن نحفظ كل هذا، علينا أن نحافظ على هذه الشعائر الدينية. إنها شعائر سياسية يجب أن نحافظ عليها. لا تنخدعوا بهذه الأقلام السامة ولا بمزاعم المخادعين الرامية إلى سلبكم كل ما تملكون. إن هؤلاء يدركون أن مجالس العزاء هذه تذكر بمصائب المظلومين وبجرائم الظلمة في كل العصور وتدعو المظلومين لمواجهةالظالمين والثورة عليهم .. إن هذه المجالس تقدم للبلاد خدمة جليلة وتقدم للإسلام خدمة عظيمة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج10، ص: 229
لو لم يكن عاشوراء، لم نكن نعلم ماذا سيكون حال القرآن الكريم والإسلام العزيز. حيث أن المنطق الجاهلي لأتباع أبي سفيان كان يريد أن يزيل أساس الحكومة الإلهية معلناً بصراحة (لا خبر جاء ولا وحي نزل)، والذين كانوا يريدون أن يشطبوا بخطٍ أحمر على الوحي والكتاب وكان يأمل يزيد الذي كان من بقايا العصر المظلم لعبادة الأصنام أن يزلزل أساس الإسلام حسب ظنّه وذلك بقتل أبناء الوحي. ولكن كانت إرادة الله تعالى وما تزال تحفظ الإسلام المخلص والقرآن الهادي خالداً وأحيته ودعمته بدماء شهداء كأبناء الوحي ويحفظها من ضرر الدهر وأثارت ودفعت الحسين بن علي عصارة النبوة وذكرى الولاية حتى يقدم روحه وروح أعزائه فداء لعقيدته ولأمة النبي الأكرم المعظمة، حتى يبقى دمه الطاهر ثائراً ويروي دين الله ويحمي الوحي ونتائجه.
لقد أعلن هذا اليوم الكبير الخالد المليء بالبركة يوماً للحرس. والآن فإن على الحرس واللجان الثورية في العصر الحاضر مسؤولية كبيرة جداً وواجباً عظيماً جداً على عاتقهم، فقد قيل أن انتخاب هذا اليوم كتذكير بحماسة عاشوراء ودافع لكل التضحيات في يوم كربلاء وهو انتخاب جيد وحسن ومسؤولية كبيرة.
والجيد أنه يدعو ويذكّر بمتابعة دم التشيع وهو مليء بالمسؤولية حيث أن دافع تلك التضحية وتقديم الروح كان له ألطاف إلهية وهو أنه أوصل ذلك الدم الذي جعله (ثار الله) إلى حدود (العبودية جوهرة كنهها الربوبية) وارتفع أعلى من حجب النور والظلمة وخلصها من الأنانية والإعجاب بالنفس، ويدنا قاصرة عن ذلك. ولكن لا تيأسوا واسعوا حتى تعطوا بسعيكم لوناً إسلامياً- إلهياً أكثر وتكون بتضحياتكم أكثر إخلاصاً وأنتم كذلك بحمد الله.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج14، ص: 321
إحياء محرّم وذكر مصائب أهل البيت (ع)
إننا وأنتم جميعاً من خلال هذا الخطاب الذي لدينا خاصةفي شهري محرم وصفر اللذين هما شهران للبركات الإسلامية ولإحياء الإسلام يجب علينا أن نحيي هذين الشهرين بذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام- إذ أن الأسلام بقي حياً حتى اليوم بذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام- وكذلك فإن هذا المذهب بقي حياً حتى اليوم بذلك الوضع التقليدي وبقراءةالمراثي وذكر المصيبة (لأهل البيت).
لا تدعوا الشياطين يرددون في آذانكم بأننا قد ثرنا ويجب أن نتحدث عن قضايا الثورة ويجب نسيان المسائل التي كانت سابقاً كلّا. علينا أن نحافظ على هذه التقاليد الإسلامية وأن نحفظ هذه المواكب الإسلامية المباركة التي تتحرك في عاشوراء ومحرم وصفر في الأوقات المناسبة. ويجب أن نؤكّد للناس أن تتابع ذلك أكثر. إن شهري محرم وصفر هما اللذان أبقيا الإسلام حياً حتى اليوم. يجب أن يكون إحياء عاشوراء بذلك الوضع التقليدي بواسطة رجال الدين والخطباء وبذلك النسق القديم حيث كانت الشرائح المختلفه من الناس تتحرك في مواكب العزاء الكبيرة المنظمة عليكم أن تعلموا بأنكم إذا أردتم حفظ ثورتكم هذه يجب أن تحافظوا على هذه التقاليد. طبعاً لابد من تصفية بعض المسائل السيئة التي كانت موجودة وأدخلت بواسطة أناس غير مطلعين على الإسلام. ولكن الاحتفال بمراسم العزاء يجب أن يبقي بنفس الحالة. وعلى الخطباء بعد أن تحدثوا عن الأحداث الجارية أن يقرأوا الروضةالحسينية كما كانوا يقرأونها في السابق وكذلك يقرأوا المراثي كما كانوا يقرأونها سابقاً حتى يهيئوا الناس للتضحية.
إن دم سيد الشهداء هو الذي حرّك دماء الشعوب الإسلامية وإن مواكب عاشوراء هذه هي التي تثير الناس وتهيئي الناس لأجل الأسلام وحفظ الأهداف الإسلامية. يجب ألا يتم التقاعسفي هذا الأمر ولابد كذلك من ذكر الأحداث الجارية.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج15، ص: 291
العبرة من مدرسة عاشوراء
ما هو واجبنا على أعتاب شهر محرم الحرام؟ وما هي رسالة العلماء الإعلام والخطباء والوعاظ الموقرين في هذا الشهر؟ وما هي مسؤولية فئات الشعب الأخرى؟
لقد علّمنا سيد الشهداء وأصحابه وأهل بيته واجبنا ومسؤولياتنا: التضحية في الميدان، والإعلام خارج الميدان. فبقدر قيمة وعظمة تضحية سيد الشهداء عند الله تبارك وتعالى ودورها في توعية الأمة، تركت خطب الإمام السجاد والسيدة زينب تأثيرها في نفوس الناس. إذ علّمنا الإمام الحسين وأهل بيته بأن لا تخشى النساء والرجال مواجهة الطغاة وضرورة التصدي للحكومة المستبدة. إن السيدة زينب- سلام الله عليها- واجهت يزيد ووبخته بشكل بحيث لم يسمع بنو أمية مثل هذه التوبيخ طوال حياتهم. كما إن ما تحدثت به في الطريق إلى الكوفة وفي الشام، وخطبة الإمام السجاد (ع) في مسجد الكوفة، أوضحا للناس بأن القضية ليست قضية خوارج وخروج على سلطان زمانه خليفة رسول الله، مثلما حاول يزيد تصوير نهضة الإمام الحسين (ع)، حيث كشف الإمام السجاد عن دوافع موقف الإمام الحسين وكذلك فعلت الحوراء زينب.
لقد أوضح لنا سيد الشهداء واجبنا: إن لا نخشى قلة العدد في ميدان الحرب، وان لا نهاب الشهادة. فكلما سمى فكر الإنسان وهدفه، زادت معاناته بالمقدار نفسه .
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج17، ص:51
الدور العظيم للمآتم في تحقق وحدة الكلمة
يجب على كافة الوعاظ وخطباء المنبر الحسيني الالتفات إلى هذا المعنى وهو أنه لو لم تكن ثورة سيد الشهداء- سلام الله عليه- لما كان باستطاعتنا اليوم تحقيق هذا النصر. وان وحدة الكلمة التي كانت وراء انتصارنا، هي وليدة مجالس العزاء والمآتم ومجالس تبليغ الإسلام ونشره .. وان سيد المظلومين هيأ لأبناء الشعب وسيلة تحقق لهم وحدة الصف وتكاتفهم دون أدنى جهد. لقد جعل الإسلام من المساجد خنادق، حيث اضحت مكاناً للتجمعات ووسيلة لتحقيق أهداف الإسلام والنهوض بمسؤولياته، لا سيما ثورة الإمام الحسين، حيث علّمنا كيفية التصرف في ساحة الصراع وخارج ميدان المعركة. وكيف يتسنى للمناضلين والمقاتلين الدفاع عن أهدافهم وتطلعاتهم وكيف ينبغي أن يتصرف أولئك المتواجدون خلف جبهات القتال .. علّمنا الإمام الحسين كيفية خوض الصراع بفئة قليلة وكيفية التصدي للحكومة المستبدة التي تفرض هيمنتها على كل شيء .. كل ذلك علّمنا إياه سيد الشهداء وأهل بيته العظام.
كما علّمنا الإمام السجاد- نجل الإمام الحسين- كيف ينبغي التصرف بعد تلك الواقعة؟ وهل يجب الاستسلام؟ أم تقليص حجم الجهاد؟ أم العمل مثلما فعلت الحوراء زينب- سلام الله عليها- إثر تلك المصيبة العظمى التي تتضاءل دونها المصائب، حيث صمدت وتحدت الكفر والزندقة، وخطبت كلما سنحت لها الفرصة واوضحت ما يجب ايضاحه. كما اضطلع الإمام السجاد علي بن الحسين- سلام الله عليه- بمسؤولية التبليغ بما يبعث على الفخر رغم المرض الذي أقعده.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج17، ص: 52