الجهد للإقناع والتنوير أحد أسباب خلود إنتفاضة الإمام الحسين (ع)

الجهد للإقناع والتنوير أحد أسباب خلود إنتفاضة الإمام الحسين (ع)

الجزء الذي جعل حادثة كربلاء المقدسة تتحول من مجرد حادثة عسكرية أو سياسية إلى تيار تاريخي وصناعي بإمكانه أن يكون محفزاً عبر تاريخ الإنسانية.

قال حجة الإسلام والمسلمين “علي كمساري” رئيس مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني(قدس) خلال كلمته بمراسم عزاء أبي عبدالله الحسين(ع) في حسينية جماران: هناك ثنائيات كثيرة يمكن تصويرها حول حادثة عاشوراء وأحداث كربلاء المقدسة، والمثال المزدوج هو أن حادثة عاشوراء كانت حدثاً لمرة واحدة حدث خلال فترة زمنية محدودة ثم انتهى. أو أن حادثة عاشوراء لم تكن حدثاً لمرة واحدة؛ بل كانت إمتداداً لتيار تاريخي طويل جداً وعميق الجذور، والذي كان موجوداً في الماضي من تاريخ البشرية واستمر فيما بعد.
وأضاف حجة الإسلام كمساري: في رأيي أحد السؤالين المحتملين هو هل حادثة عاشوراء كانت حادثة من النوع الصلب؟ أي هل كانت حرباً حقاً أم أنه بالإضافة إلى الجانب الصلب والنواة الصلبة في هذه الحادثة، هناك أيضاً جانب ناعم وعنصر ناعم يتجاوز الحرب؟
إن حادثة عاشوراء تحمل في جوهرها عنصراً ناعماً، والذي هو الجانب الأهم واستطاع أن يكون أكثر تأثيراً من الجزء الصعب ويساعد على خلود تيار كربلاء المقدسة.
يمكن رؤية هذا العنصر الناعم أيضاً في الجزء الصلب، أي أنه على عكس كل الحروب في تاريخ البشرية، فإن الجزء الصعب من الحادثة له أيضاً بُعد ناعم، أي هوية تنويرية وتوضيحية وثقافية ومقنعة. جميع الحروب في التاريخ هي من النوع الذي يتسبب فيه صراع أو دافع لغزو بلد ما، وفي الحقيقة الصراع مع منافس، هو السبب لحدوث تلك الحرب، لكن بالمناسبة، فإن الجزء الصعب من عاشوراء يتأثر أيضاً بالجزء الناعم والعنصر الناعم في الحادثة، وفي ذروة الحرب يظهر هذا الجزء التوضيحي والإصلاحي من حادثة عاشوراء بوضوح.
وأشار حجة الإسلام كمساري إلى أن جيش العدو كان يحاول إنهاء الحرب بسرعة، وقال: في هذا الزمن القصير نشهد عناصر ثقافية وإصلاحية وتوضيحية وتنويرية.
إن الجزء الذي جعل حادثة كربلاء المقدسة تتحول من مجرد حادثة عسكرية أو سياسية إلى تيار تاريخي وصناعي بإمكانه أن يكون محفزاً عبر تاريخ الإنسانية، هو الجزء الناعم من حادثة عاشوراء، و الجهد للإقناع والتنوير أحد أسباب خلود انتفاضة الإمام الحسين(ع).
وتابع حجة الإسلام كمساري: إن كل كلمات وخطب ورسائل ووصايا وخطابات الإمام الحسين(ع) تحتوي على الجانب الناعم من حادثة عاشوراء. عندما هدد الوليد بن عتبة الإمام الحسين(ع)، عدّ الإمام الحسين(ع) جميع الفضائل الروحية لأهله الذين هم أهل الوحي، وهو يصور مقارنة تصويرية ويصف خط التعارض بين الصواب والخطأ، ثم يقول إنه لا يبايع يزيد مثلي، وهذا هو الجانب الترويجي والإصلاحي في حادثة عاشوراء.
وقبل أن يغادر المدينة المنورة، كتب الإمام الحسين(ع) وصية إلى محمد بن الحنفية، نرى فيها هذا الجزء البارز، وهناك جملة هي في الحقيقة ميثاق واستراتيجية حادثة عاشوراء. وهنا يصل الإمام الحسين(ع) إلى قمة التنوير تماماً، ويقول: لم أتمرد بسبب النشوة والإسراف؛ بل إن فلسفة حركتي هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيجاد الحق والصلاح في مسيرة الحكم.

المصدر: الوفاق    



ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء