نشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي النصّ الكامل للخطبتين اللتين ألقاهما الإمام الخامنئي بتاريخ 10/4/2024 صلاة عيد الفطر في مصلّى الإمام الخميني (رض). وتخلل الخطبتين تأكيد قائد الثورة الإسلامية على الرد على استهداف قنصلية إيران في دمشق واستنكاره مواصلة الكيان الصهيوني تكثيف المجازر في غزة في شهر رمضان المبارك.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين. الحمد لله الذي خلق السّماوات والأرض وجعل الظّلمات والنّور، ثمّ الذين كفروا بربّهم يعدلون. والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين [ولا] سيّما بقيّة الله في الأرضين. وصلّ [اللهم] على أئمة المؤمنين وهداة المتّقين وحماة المؤمنين. اللهم إنّي أستغفرك وأتوب إليك وأحمدك.
أتقدم بالتبريك والتهنئة بعيد الفطر السعيد للأمّة الإسلاميّة قاطبة وللشعب الإيراني العزيز، ولكم أيّها المصلّون. لقد أمطر غمام الرحمة الإلهية لشهر كامل على الأمّة الإسلاميّة، وكانت الرحمة الإلهيّة والضيافة الإلهية شاملة في هذا الشهر لجميع أفراد الأمّة الإسلاميّة، واستطاع الشعب الإيراني العزيز بحمد الله القيام بالحد الأقصى للاستفادة من هذه الضيافة الإلهيّة على قدر وُسعه وطاقته، وجعل احتفالات مطلع العام الشمسي وبداية فروردين[1] متبرّكة بروحانيّة شهر رمضان. كان تجلّي القرآن ملحوظاً في هذا الشهر بأسره، فكان من النقاط البارزة لشهر رمضان هذا العام - بحمد الله - شيوع تلاوة القرآن بين مختلف فئات الشعب في جميع أنحاء البلاد، وكان أكثر تألُّقاً وجمالاً من أي وقت مضى، واضطلعت وسائل الإعلام الوطنية أيضاً بدور مهم في عرض هذا التقدّم الكبير. ينبغي علينا أن نكون شاكرين لله المتعالي على أنّ تجلّي القرآن والأنس بالقرآن يزداد في البلاد يوماً بعد يوم. كما كانت مجالس الذّكر، ومجالس الدّعاء والتضرّع والمناجاة في هذا الشهر بأسره، وخاصة في ليالي القدر المباركة، مظاهر أخرى من روحانيّة هذا الشهر العزيز، إذ جعلت الضيافة الإلهية أجمل وأكثر محبوبيّة لشعبنا العزيز، وبحمد الله، استطاع شعبنا أن يستقي من هذه الضيافة.
شهر رمضان هو فرصة عظيمة؛ وقد استفاد كثيرون من هذه الفرصة إلى أقصى درجة، واستفاد آحاد الشعب أيضاً بحمد الله. وصيّتنا الأكيدة هي أن تصونوا لأنفسكم هذا الذّخر المعنويّ؛ ولا سيّما شبابنا الأعزاء. بحمد الله، إنّ مجتمع الشّباب في البلاد يرغب بالتديّن والتوجّه [إلى الله] والذّكر والدعاء؛ وهذه فرصة عظيمة. وقد استُغلت هذه الفرصة في شهر رمضان؛ فصونوها لأنفسكم، وعُدّوها كذُخر معنوي لكم.
وموضوع الصوم هو بمنتهى الأهميّة. وممّا كان يُنقل لي أنا العبد من أخبار في هذا العام، أنّه شُوهد إبراز الإفطار [عمداً] في بعض معابر مدينة طهران والمدن الأخرى. لا جرم أن نظام الجمهوريّة الإسلاميّة ليس بصدد إرغام أحد بالقوة على التديّن، إلّا أنّ لديه تكليفاً أيضاً إزاء خرق القواعد الدينيّة؛ فلا ينبغي أن نقصّر، ينبغي على المسؤولين وآحاد الشعب والآمرين بالمعروف والنّاهين عن المنكر أن ينهضوا بتكليفهم في هذا المجال. نأمل، إن شاء الله، أن يُحفظ دائماً لهذا الشعب رأس مال الدين والمعنويّ العظيم هذا في البلاد، وأن يبقى أساساً للعزّة، وأساساً للرِّفعة، وأساساً للتوفيق في أمور الدّين والدّنيا.
اللهم، بمحمّد وآل محمّد، ثبّت أقدام شبابنا، وشعبنا، ونسائنا، ورجالنا على صراط الحق المستقيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} (الإخلاص).
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين. نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلّي ونسلّم على حبيبه ونجيبه سيّد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، ولا سيّما أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، والحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة، وعليّ بن الحسين سيّد العابدين، ومحمّد بن عليٍّ باقر علم الأوّلين والآخرين، وجعفر بن محمّدٍ الصّادق، وموسى بن جعفرٍ الكاظم، وعليّ بن موسى الرّضا، ومحمّد بن عليٍّ الجواد، وعليّ بن محمّدٍ الهاديّ، والحسن بن عليٍّ العسكريّ، والحجّة القائم المهديّ، صلوات الله وسلامه عليهم، وعلى أمّهم الصّدّيقة الطّاهرة المعصومة المطهّرة، وحشرنا الله معهم.
مرة أخرى أبارك لكم وأهنئكم جميعاً أيها الأعزاء بهذه الفرصة المباركة، فرصة عيد الفطر.
ما أرى لِزاماً أن أركّز عليه في هذه الخطبة، هو الأحداث الدموية في غزة والتي أثارت مرارةً لدى مسلمي العالم في شهر رمضان. لعنة الله على الكيان الصهيوني الغاصب الذي لم يتوقّف خلال شهر رمضان عن ارتكاب المجازر بحقّ النساء والأطفال والعزّل، لا بل وكثّفها. لطالما مدّت الحكومات الغربيّة طوال هذه الأعوام المتمادية الكيان الغاصب بالعون وساندته. قدّمت له الدعم في المحافل الدوليّة، وأوصلت له أنواع المساعدات. كان يجدر بهم في قضيّة [غزّة] المهمّة وفي هذه الحادثة والفاجعة أن يَحولوا دون استمرارها ويمنعوا ذلك، [لكنّهم] لم يفعلوا، ولم ينهضوا بمسؤوليّاتهم. صرّحت بعض الحكومات الغربيّة شكلياً ببعض الأمور دعماً للنّاس، لكنّهم في مقام العمل لم يكتفوا بعدم المنع بل قدّم كثيرون منهم المساعدات أيضاً، خاصّة الحكومتين المستكبرتين الظالمتين: أمريكا وبريطانيا. لقد عرضت الحكومات الغربيّة في أحداث هذا العام الماهيّة الشرّيرة للحضارة الغربيّة بشكل علني للعالم.
كنّا نقول إنّ المنتقدين للحضارة الغربيّة كرّروا مراراً أنّ هذه الحضارة أُرسيت على أساس الشرّ، والتفرقة ومعاندة الروحانيّة والفضائل والقيم الروحانيّة، ولا يُمكن توقّع الخير منها؛ هذا ما قاله الجميع. لقد أثبتوا أيّ حضارة هي هذه الحضارة. يقتلون الأطفال في أحضان أمهاتهم والمرضى في المستشفيات. لا يقوون على المقاومة ورجالها فينكّلون بالعائلات والأطفال والمظلومين والكهول. لقد قتل هؤلاء أكثر من ثلاثين ألف إنسانٍ أعزل خلال هذه الأشهر الستّة. أين هم أولئك الذين تصمّ نداءاتهم الشاذّة أسماع العالم حول حقوق الإنسان؟ لماذا لا يرون ما يحدث هنا؟ أليس هؤلاء بشر؟ ألا يملكون حقوقاً؟ هذا عن هؤلاء.
لكنّ الكيان [الصهيوني] الخبيث المكسوّ بالخبث والشرّ والأخطاء من رأسه حتى أخمص قدميه، أضاف مجدّداً خطأ إلى أخطائه تمثّل في مهاجمة قنصليّة إيران في سوريا.[2] إنّ القنصليّات وأجهزة السفارات الموجودة في أيّ أرض هي كالبلد الذي ترتبط به السفارة. عندما يهاجمون قنصليّتنا، فإن ذلك بمثابة مهاجمة أراضينا، وهذا هو العرف السائد في العالم. الكيان الخبيث أخطأ في هذه القضيّة ويجب أن يُعاقب وسينال العقاب على ذلك.
طبعاً، لقد فُجعنا بشهدائنا؛ الشهداء من قبيل الشهيد زاهدي، الشهيد رحيمي وسائر رفاقهم، ذكرتُ سابقاً[3] أيضاً أنّ هؤلاء كانوا عاشقين للشهادة. هؤلاء لم يفقدوا شيئاً، وهنيئاً لهم! هؤلاء الأشخاص ركضوا خلف الشهادة عمراً بأكمله، ومنّ عليهم الله بهذا الأجر على جهادهم، هنيئاً لهم. لقد فُجعنا بفقدهم لكنّهم فازوا، ونالوا مرادهم. هم وكذلك شهداء [إرساء] الأمن في بلوشستان. هؤلاء الشباب الأعزّاء الذين يحرسون حدود البلاد وحملوا أرواحهم على الأكفّ، الشّعب يتحرّق لفقدهم. أسأل الله المتعالي أن يمنح الشعب الإيراني القوّة والأجر والصبر والتوفيق لبلوغ آماله الوطنيّة والشعبيّة العظيمة كافة.
إنّني أشدّد على «وحدة الكلمة». فيا أيّها الشعب العزيز، والشباب الأعزاء، والناشطون السياسيّون، والناشطون الاجتماعيّون، والناشطون الإعلاميّون، اعلموا أن التوفيق هو في توحيد الكلمة، والتوفيق في وحدة كلمة الشعب الإيراني. فإن كان لديكم اختلاف في وجهات النظر، فليكن؛ لا ضير في اختلاف وجهات النظر السياسية وغير السياسية، بيد أنّ النّزاع والتشاجر وكسر الوحدة والانقسامات، واختلاق التحزّبات المزيّفة، يُضرّ بالبلاد، ويُضرّ بدينكم، ويُضرّ بدنياكم، ويُضرّ بقوّتكم.
اللهم، بمحمّد وآل محمّد، تفضّل على هذا الشعب بأفضل الخيرات، وانصر هذا الشعب على أعدائه. اللهم، لا تجعل هذا الشعب سبباً لسرور العدو. اللهم، ارْضِ وأَسِرَّ الروح المطهّرة لإمامنا العظيم وشهدائنا الأعزاء عن هذا الشعب وعمّا نفعله، وارضِ عنّا القلب المقدّس لوليّ العصر.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} (العصر).
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[1] يبدأ في 21 آذار/مارس.
[2] في تاريخ الأول من نيسان/أبريل 2024، هاجمت مقاتلات الكيان الصهيوني قنصلية إيران في مدينة دمشق في سوريا بعدة صواريخ، مما أدى إلى استشهاد سبعة أفراد من المستشارين الإيرانيين العسكريين (ومن بينهم، القائد محمّد رضا زاهدي، والقائد محمّد هادي حاج رحيمي، ومرافقوهما) وجَرْح عدّة آخرين.
[3] بيان بمناسبة شهادة اللواء في الحرس الثوري محمّد رضا زاهدي ورفاقه في السّلاح (2/4/2024).