كتبت خديجة البزال.
بلطجية الدولار الأمريكي
تحت هذا العنوان يمكن لنا أن نقوّم حركة السياسة الأمريكية، وكيف تعاطت أمريكا من خلال تفوق عملتها على جميع العملات العالمية بفترة سابقة، ومن ثم أصبحت هذه العملة الخضراء هي العملة الرسمية للاقتصاد العالمي، لايمكن لأي حركة تجارية عالمية تتهض إلا من خلال توثيق هذه التجارة عبر الدولار الأمريكي، ولسنين طويلة تمكنت أمريكا من فرض هيبتها عبر الدولار الذي كان سابقاً مغطى بالذهب كما هي العادة لدى كل العملات. يجب أن يكون لها تغطية ذهبية لكن منذ السبعينات قررت أمريكا أن ترفع الغطاء الذهبي عن الدولار وتستثمر عوضاً عنه القوة الفائضة لها التي تستطيع من خلال قواعدها التي تفوق الثمانمئة قاعدة منتشرة حول العالم. وتفرض هيبة الدولار من خلال هيبة القوة والسيطرة والبلطجة على كل دول وشعوب العالم. لكن مع تطور الأحداث العالمية وانهيار النظام الثنائي القطبي. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفوق أمريكا لفترة زمنية ما على النظام العالمي الذي كان قد وضع في فبراير الخمسة وأربعين في مالطا. وبعد أن انتهى هذا النظام بانهيار الاتحاد السوفييتي تفوقت أمريكا على النظام السابق في حركة العلاقات الدولية وأصبحت هي الآمر الناهي على مستوى السياسة الدولية… تستطيع أن تتدخل في أي دولة من دول العالم، إن حاولت هذه الدولة التمرد على السياسةالامريكية. لقد أحدثت إنقلابات وحروب اهلية في هذا البلد أو ذاك وجعلت الفوضى هنا أو هناك تحت هذا البلد بحجج واهية كاذبة. كما جرت العادة سواء في العراق أو في أفغانستان وكلها حجج كانت هي قد رسمتها سابقاً حتى أحداث إحدى عشر سبتمبر كانت قد وضعتها ووضعت السيناريو المتعلق بها والذي من خلاله سوف تعمل على اقتحام العديد من الدول. كما اعترف بذلك كبار المسؤولين العسكريين في تلك الدولة المارقة، بعد كل هذه الفضائح التي لحقت بهذه الدولة من خلال اعترافات كثيرة للمسؤولين الأمريكيين بأنهم كذبوا هنا وإذا ارتكبوا هنا وتجاوزوا هناك، وضربوا القانون الدولي هناك، بدأت صحوة عالمية كبيرة ابتدأت هذه الصحوة مع محاولة أساسية لتهشيم صورة هذا الوحش الأمريكي منذ العام ألف وتسعمائة وثمانية وسبعين مع بزوغ فجر الثورة الإسلامية … بقيادة الإمام الخميني الراحل الذي أسس منذ تلك الفترة لضرب النظام الثنائي، ومن ثم الأحادي القطبية عبر شعاره الذي رفعه أساسا وهو كان في صلب حركة ثورته أن لا شرقية ولا غربية. بمعنى أنها الجمهورية الإسلامية لن تكون تبعاً لأي من محوري الشر سابقاً بل ستصبح قطباً جديداً في عالم السياسة الدولية وهذا ما عملت عليه وما وصلت إليه الآن بحول الله وقوته وبفضل القادة الربانيين الذين قيدهم الله لهذه الثورة والدولة وللأمة جمعاء .ابتداءاً من الامام الخميني الراحل واستكمالاً مع سماحة آية الله المفدى الامام الخامنئي حفظه الله الذي اوصل هذه الدولة والثورة وتوأمهما مع بعض من خلال محور المقاومة القدير الذي اصبح الآن قوة لا يستهان بها وله الكلمة الفصل في هذه الفترة في المنطقة فأصبحت هذه الجمهورية احد اعمدة النظام العالمي الجديد وبكل فخر وبكل جدارة وبعد هذه التطورات الكبيرة استطاعت هذه القوى الصاعدة سواء من الجمهورية الاسلامية او مجموعة البريكس او مجموعة سنغهاي وغيرها من الدول لها نفوذها على المستوى الاقليمي والدولي، وكل دولة لها نفوذها الاقليمي سواء من فلسطين الى روسيا الى الجمهورية الاسلامية والى امريكا اللاتينية ايضا في مناطق اخرى من العالم .فبالتالي تكونت مجموعات دولية كبيرة واخذت تحتل حيزاً كبيراً من الحركة السياسية الدولية، وحتى العسكرية من خلال محاولة النأي بنفسها عن البلطجة الامريكية والسيطرة الامريكية وكل هذا كان يدفع بالدولة الامريكية نحو الخلف ونحو التراجع هي وربيبتها الصهيوني الكيان الزائل بحول الله كل هذا بدأ يعطي ثماراً عكسيةً على الولايات المتحدة من خلال تراجع الهيبة، اي تراجع سلطة الدولار لانه مرتبط بالهيبة الامريكية وبالسطوة الامريكية وليس له ذاك الغطاء الذهبي الذي يحفظه ومن ثم يستطيع ان يبقي العملية الوحيدة او شبه الفريدة على مستوى التجارة العالمية وبما ان الهيبة الامريكية بدأت بالتآكل من خلال عوامل عديدة يكون شرحها هنا وخاصة التهديد الداخلي بالحرب الاهلية. كما صرح بذالك مكتب التحقيقات الفيدرالي والعشرات من التقارير التي تؤكد هذا المنهى كذلك ايضا الكيان الصهيوني وهذا وذاك بسبب انقسام الدولة العميقة التي تحكم كلا الدولتين المارقتين والزائلتين ايضاً على مستوى التجارة والهيبة العالمية تراجعت سلطة امريكا إذ اصبح عليها الكثير من الاعداء على مستوى الساحة الدولية وكانت هذه الدول تأخذ من الجمهورية الاسلامية نموذجاً يحتذى به لمقاومة السطوة والبلطجة الامريكية. وبنفس الوقت بدات تلك الدول تنفض غبار ذل الدولار عنها، وتلجأ في تجارات الدول إلى العملات البيئية وهذا ما اصبح واضحاً الآن بأنه تراجع الدولار الامريكي في الاحتياطات الدولية الى ما دون السبعة واربعين في المئة على مستوى التجارة العالمية. وهو مؤشر خطيرٌ جداً بالنسبة للسطوة الامريكية .التي كانت تستطيع ان تعاقب اي دولة واي شعب من خلال فرض الحصار عليه، ولم يعد يستطيع ان يحرك دولاراً واحداً من مكان الى آخر ،بسبب نظام السويفت الامريكي الذي تتحكم من خلاله بحركة التجارة وتحويل الاموال على مستوى العالم ولذلك شهدنا وبدأ العالم يشهد، ان هناك دولاً في منظمة البريكس والشنغهاي بدات بتكوين نظام تحويل مالي آخر منافس او يوازي نظام السويفت الامريكي ومن دون المرور بهذا النظام الاجباري لحركة التجارة العالمية. وهذا دفع في الدولار الامريكي الى المزيد من التقهقر والى مزيد من التراجع والتهديد بانهيار الاقتصاد الامريكي بشكل كبير وما يؤدي ذلك الى انهيار على مستوى الاقتصاد العالمي المرتبط وما زال مرتبطا بالاقتصاد الامريكي وبدأت التقاريرالتي تضج بها وسائل الاعلام الدولية تؤكد حركة القهقرة للدولار الامريكي المرتبطة ايضا بحركة التراجع للسطوة والبلطجة والقوة الامريكية العسكرية. صحيح انها ما زالت تحتفظ بقوة عسكرية نووية هائلة جدا .لكن هذه القدرات النووية لا يمكن ترجمتها الى حركة ميدانية لان اي استعمال للنووي على مستوى العالم اليوم سوف يؤدي الى دمار شامل على مستوى الكرة الارضية.
- القسم العربي، الشؤون الدولية، بتصرف.