نداء الإمام الخميني بمناسبة تحرير مدينة خرمشهر في تاريخ 24 مايو 1982
بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم شكري على البرقية التي وصلتني وتضمنت خبر تحرير خرمشهر، الحمد لله القادر حمداً لا يتناهى، حيث تفضل بعنايته وحمايته لبلدنا الإسلامي ومقاتليه الملتزمين والمضحين وجعل نصره المبين من نصيبنا. واني لا تقدم بشكري موقناً من أن «ما النصر إلا من عند الله»[1]، إلى أبناء الإسلام والقوات المسلحة البطلة التي جسدت قدرة الحق، وأنقذت بلد بقية الله الأعظم أرواحنا لمقدمه الفداء من مخالب الذئاب المصاصة للدماء التي هي أدوات بيد القوى الكبرى وخاصة أمريكا الناهبة لثروات الشعوب وأطلقت نداء «الله اكبر» في خرمشهر العزيزة، وجعلت راية «لا اله إلا الله» المكللة بالفخر ترفرف فوق مدينة خرمشهر التي تضرجت بالدماء بواسطة الأيادي القذرة لخونة العصر، فأطلق عليها اسم «خونين شهر» [مدينة الدم]. على أن أمثالي لا يستطيعون أداء حق الشكر لهم. ولا شك في أنهم موضع تقدير منجي البشرية ومقيم العدل الإلهي في أرجاء العالم روحي لتراب مقدمه الفداء وهم يفتخرون بشعار «ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»[2].
نبارك لكم آلاف المرات أيها الأعزاء وقرة عين الإسلام هذا الفتح والنصر العظيم الذي حققتموه بفضل التوفيق الإلهي، بخسائر قليلة وغنائم لا حصر لها وآلاف الأسرى والقتلى والجرحى التعساء الذين سيقوا إلى الهلاك بفعل خدع مجرم العصر صدام التكريتي وضغوطه، فقدمتم هذا النصر بفخر إلى الإسلام والوطن العزيز. ونبارك للقادة المقتدرين الذين يمثلون قادة مضحين إلى هذه الدرجة حيث ستظل نجوم انتصاراتهم اللامعة تضيء ظلمات التاريخ حتى النفخ في الصور. نبارك للشعب الإيراني العظيم هؤلاء الأبناء الأبطال والمضحين الذين خلدت أسماؤهم بلدهم. ونبارك للإسلام العظيم هؤلاء المتابعين الذين أدوا امتحانهم بفخر في كلا الجبهتين؛ جبهة الأعداء الباطنيين، والأعداء الظاهريين، وحققوا الفخر للإسلام.
إلا وكونوا يقظين يا أبناء القرآن الكريم وقوات الجيش والحرس والتعبئة والدرك والشرطة واللجان الثورية والعشائر والقوى الشعبية المتطوعة والشعب العزيز، واحذروا من أن تجعلكم هذه الانتصارات رغم عظمتها وإثارتها للحيرة، تغفلون عن ذكر الله فالنصر والفتح بيده، وأن لا يكلكم الغرور والانتصار إلى أنفسكم؛ فهذه آفة كبيرة وفخّ خطير، فالشيطان يأتي الإنسان بوسوسته ويجلب الشقاء لأولاد آدم. ورغم أنني واثق من أنكم كلكم ملتزمون بالإسلام إلا أنني يجب أن لا اغفل عن التذكير الذي ينفع المؤمنين؛ وهكذا الحال بالنسبة إلى الحكومات المجاورة والمنطقة فإني لا أقصر في النصيحة. وهم يعلمون أن حكومتنا وشعبنا المنتصرين يتحدثان من موقف القوة. وأنا أطمئنكم تبعاً لهما بأنكم إذا كففتم عن الطاعة العمياء لأمريكا والمرتبطين بها، وتعاملتم معنا بحكم الإسلام والقرآن الكريم، فسوف لا ترون منا سوى الخير والدعم. واعلموا أنهم لا يدعمونكم وانتم تمثلون قوى صغيرة وحكومات ضعيفة، كما دعمت القوى الكبرى صداماً، هذا العميل الذليل. ولقد رأيتم عاقبة هذا المجرم ورفيقه المجرم الشاه المخلوع عياناً. إن القوى الكبرى لا تدعمكم قبل أن تستغلكم. فهي تجركم إلى الهلاك لمصالحها. وأنا أنصحكم نصيحة أخوية بأن لا تقدموا على عمل تستحقون به أن يعين القرآن حكماً للتعامل معكم، فنتعامل معكم بحكم الله. واعلموا يقيناً أن أمثال حسني مبارك المصري وحسين الأردني والمجرمين الآخرين لا ينفعونكم وأنهم يضيعون عليكم دينكم ودنياكم. وإذا أردتم باجتماعكم أن تحيوا مشروع كامب ديفيد أو فهد[3]؛ واللذين اعتبرهما تهديدا كبيرا للبلدان الإسلامية وخاصة الحرمين الشريفين، فإن الإسلام لا يجيز لنا السكوت. ولقد أديت واجبي أمام الله. وأنا أمد الآن يد التضرع والدعاء إلى الخالق الواحد، وأدعو لقوات الإسلام المسلحة والمضحين في سبيل القرآن الكريم ووطننا العزيز، وأرجو لهم السلامة والسعادة والنصر.
سلامي وتحياتي اللامتناهية إلى القادة الملتزمين في القوات المسلحة، والى المقاتلين المضحين، والى الشعب الإيراني البطل الذي تزخر حياته بالأفراح. والسلام على عباد الله الصالحين.
روح الله الموسوي الخميني
ـــــــــــــــــ
[1] قسم من الآية: 126، سورة آل عمران.
[2] قسم من الآية: 17، سورة الأنفال.
[3] مشروع يتضمن 8 فقرات يتم الاعتراف بموجبه بالنظام الغاصب للقدس بشكل ضمني ويضمن أمنه. ولم يتم تنفيذ هذا المشروع.