قال امير المؤمنين (ع) "انّ لكم في القرون السالفة لعبرة" (نهج البلاغة، خطبة 182).. وهذا ما يرنو اليه كل متفحص وباحث وطالب حقيقة وعلم، ان يعتبر بما سلف، ليكون له سراجاً في الطريق يُنير ما احاطت به الظلمات من كل حدب وصوب... جاء رضاخان بهلوي، اول ملوك الاسرة البهلوية، الى سدة الحكم في ايران، ونصّب نفسه بنفسه ملكاً! على بلاد مترامية الاطراف، ذات حضارة عريقة، متجذّرة في التاريخ..، بانقلاب عسكري، اطاح بالاسرة القاجارية المالكة! وقد فطن الامام(قدس سره) الى حقيقة ماجرى، وانّ بريطانيا، ومنذ ذلك الحين، ساندت رضاخان، لأقامة حكمه المستبد، ونقلاً عن الامام حيث ذكر انّ البريطانيين «قالوا، نحن الذين جئنا بهذا- في اذاعة نيودلهي – في الحرب الشاملة (العالمية) ولمخالفته لنا، ازحناه ثانية» (صحیفة الامام الخمینی العربية، ج 11، ص 358).. هكذا، يأتون بدُمية، لحكم شعب بالحديد والنار، واذا ماخالفهم وعصى امرهم، تأخذ دُمية اخرى مكانه! .. فبريطانيا، حسب رؤية الامام (قدس سره)، التي تدّعى الديموقراطية والالتزام بحقوق الانسان! جاءت برجل تافه «كان يريد محو آثار الشريعة الاسلامية» (صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج3، ص 296-297)، مما ادّى الى ان يقوم العميل رضاخان، بانتهاك ثلاثة اصول (طبيعية) اسلامية، ذكرها سماحته: «الاول: شرط العدالة في الحاكم الإسلامي. والثاني: حرية المسلمين في انتخاب الحاكم و(تقريراً) لمصيرهم. والثالث: حفظ استقلال البلاد من تدخل الأجانب فيه وسيطرتهم على مقدرات المسلمين». (صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج5، ص 163).. وخلال وصفه لفترة حكم رضاخان، اشار سماحته الى ماكان يجري في تلك الفترة السوداء، قائلاً: «نحن نتذكر سفك الدماء خلال الخمسين سنة الأخيرة، وما زالت مرارات تلك الخمسين سنةً في خواطرنا، وقليل منكم أو لا أحد منكم يتذكر كلَّ ما جرى في هذه الخمسين سنة من الملكيّة غير القانونية»(صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج3، ص272).. فقد" تعاظم الضغط وتضيق الخناق في عهد هذا الشاه (اي محمدرضا بهلوي، ثاني ملوك الاسرة البهلوية)، وتوالت احداث عدة جعلت الشعب يتعذب، كما ان المنظمات السرية (السافاك) عاملت الشعب بالاسلوب نفسه، فضاق الناس ذرعاً بما نزل بهم..» (صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج5، ص 185).اما الشيئ المُلفت للنظر، رؤية الامام (قدس سره) وشرحه لشخصية الانسان الذي يتحول من انسان عادي، الى طاغية مستبد، حيث قال: «الدكتاتورية تظهر في الانسان شيئاً فشيئاً، من البداية يتخيل انه انسان معارض للدكتاتورية، ولكن بعض الاحيان عندما يبدأ في فرض الآراء والاقوال، يريد ان يفرض رأيه على الأخر! ليس بالاثبات بالبرهان بل يريد ان يفرضه فرضاً على الأخرين! هذا نوع من الدكتاتورية ان يفرض الانسان ما يعتقده على الأخرين وعليهم ان يقبلوا به من دون سبب..!" (صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج14، ص 75)... اِذن "حينما يكون المحيط اخوياً، يقف الشعب مع الحكومة، واذا حصل هذا الوقوف لا تسقط الحكومة. ولو سمع الشاه نصائح علماء الدين، وخدم الشعب، لما سقط، لكنه خان، وماخدم، فخر نصرة الشعب الذي ابتهج عندما علم انه ذهب، مثلما ابتهج بذهاب ابيه..." (صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج8، ص 76)!.. وبالعودة الى مقولة الامام علي(ع)، والعبرة من التاريخ ومما سبق، ليكون ذلك درساً للأنسان، قال سماحته (قدس سره) «يجب ان يكون التاريخ ومايجري للشعوب، عبرة للناس، ومنه تاريخ العصرالحاضر، لننظر ماذا حدث، فزالت مثل هذه القدرة، ولتنظر الحكومات لماذا انهدمت مثل هذه القدرة، ولتنظر اجزاء الحكومة والادارات ما القضية، ليكون عبرة للجميع. كل حكومة لاتستند الى الشعب، او تقف في مواجهته هذه عاقبتها مهما طال الامد، عاقبة هذا الاب و الابن!.." (صحيفة الإمام الخمینی العربية، ج8، ص: 270).