في احد الايام كنت في جماران، وكان الامام قد جاء حديثاً للإقامة في جماران.. كان ذلك في الايام الاولى من الحرب المفروضة.. كان من بين الحشود التي جاءت لرؤية الامام، امرأة شابة فقدت زوجها في الحرب وكانت برفقتها صبية بعمر الزهور.. كانت الطفلة مضطربة ولا تكف عن البكاء.. كان التراب يعطي رأسها ووجها، والدموع تموج على وجنتيها.. كانت الأم حزينة تتمنى لو تتمكن هذه الطفلة، التي فقدت أبيها، من الوصول الى الامام لعلـّها تهدأ قليلاً. كانت المرأة تقول: لست حزينة لاستشهاد زوجي، لأني انا الذي قمت شجعته على الذهاب إلى الجبهة. غير أن هذه الصبية تؤلمني، واتصور أن السبيل الوحيد لهدوءها هو احتضان الامام لها. وقد قرر شقيقي أن يأخذ بيدها ويأتي بنا لرؤية الامام.. كان الامام يتمشى في باحة المنـزل. وكنا نتصور بأن الامام إذا ما رآى الطفلة سوف يمسح بيده على رأسها ونعود بها إلى أمها. ولكن عندما رأها، مكث قليلاً ثم جلس جنب الحوض واخذ الطفلة واحتضنها ومسح بيده الحنونة على رأسها ومسح دموعها واخذ يفعل ذلك حتى هدأت. ثم طلب منا أن نأخذها لأمها.
علي ثقفي، المصدر السابق، ص196.