ما كان يتمتع به الشهيد سليماني، هو الدفاع عن الهوية الدينية والوطنية الايرانية، وما تقتضيه مصالح البلاد، في الداخل والخارج. كان في الداخل محبا ومطيعا للقيادة، ولاصحاب الراي الكبار ... وكانت سلوكياته تدل على ان ذلك حقيقة نابعة من الصميم، لا ريب فيها، مقدما امن واستقرار البلاد على كل شيئ. وخلال الاربعين سنة المنصرمة، تميز ما قام به من اعمال بالحكمة والدراية الكاملة والتعامل الصائب، بالنسبة للقضايا الهامة، داخليا ودوليا، ولاسيما، فترة الحرب المفروضة، حيث ادى الى ترجيح الكفة لصالح القوى الداخلية في البلاد. تميز الشهيد سليماني بالشجاعة والاقدام، فيما كان يتخذه من تصميم، والنتيجة كانت دائما، تلوح بفوز وتفوق قواته واندحار الطرف الاخر. اضافة الى تمتعه بقوة الخطابة والتبحر فيها، لشد القلوب والاسماع، طوال فترة حياته، مبتعدا عن الاضواء الاعلامية، خاصة الصحافة، بشكل عام، اللهم الا في مواضع ضرورية قليلة، وكمثال على ذلك، انه دعم تدوين 18 مجلدا حول ما قام به فيلق ثار الله ال (41) خلال فترة الدفاع المقدس، لكنه رفض ذكر اسمه في اي من المجلدات المذكورة !. كان رجل المفاوضات والمقارعة، فالى جانب معالجة القضايا الداخلية، بمنطق وحكمة وحلها بالتي هي احسن، كان يقارع القوى الاستكبارية واذنابها بما اوتي من قوة، ولم يقم باي عمل يؤدي الى التعقيد، او اراقة الدماء، داخليا. كان متكتما وحافظا للاسرار العسكرية، طوال خدمته في بلوجستان، كردستان و... خارج البلاد. هدفه الاول الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية للبلاد، وتغليب ذلك على كافة المصالح، وقد تجلى هذا بوضوح بكفاحه وو قوفه بصلابة تامة، امام المجموعات الارهابية، التكفيرية، خاصة داعش, ودفاعه المستميت عن ثوابت الثورة الاسلامية الايرانية، وحدود ايران، اضافة الى دعمه واسناده للمقاتلين المسلمين، لدحر داعش وامثالها، في العراق وسورية، دفاعا عن اهل البيت (ع) والحرمات، وكذلك وقوفه المشرف الى جانب المجاهدين الفلسطينيين، ضدالكيان الصهيوني الغاصب، حيث تطرق جنرال امريكي في هذا المجال، حول شخصية الشهيد سليماني، معلقا على سلوكياته، قائلا : انه كشذرة الماس لامعة، تضيئ على مستوى المنطقة. لم يكن بطلا قوميا ونبراسا يحتذى به، داخل البلاد فحسب، بل كان كذلك في الخارج ايضا، باعتراف الاعداء قبل الاصدقاء، حيث ان اوباما، الرئيس الامريكي السابق، ذكر للرئيس العراقي، انذاك، ان الشهيد سليماني عدو لنا ولكني احترمه. لقد حرص الشهيد الخالد، على ان يكون متواضعا في كل ما يفعله، وعدم القيام بعمل يؤدي الى مضاعفة قضية او اخرى في البلاد او تعقيد الوضع السائد ... ولم يكن طالب ابهة وشهرة، او الركون الى راحة ورفاه، بل سعى وجد بكل ما استطاع، الى الحصول على مكانة رفيعة معنوية وروحانية، وخرج مرفوع الهامة في ذلك. وهذا دليل اخر على مدرسة الامام الخميني (قدس سره) وما تخرج منها، وما تربى فيها من رجال، قدمتهم الثورة الاسلامية المظفرة، لخدمة المسلمين كافة، لا سيما في ايران ... والشهيد سليماني واحد منهم ... فهو حتى لحظة شهادته، كان يعتبر نفسه، تلميذ مدرسة الامام (قدس سره)، ويا له من تلميذ مجتهد، فذ، متفوق على اقرانه ! ولم تغره ما تمتع به من مناصب رفيعة، واموال جمة، وضعت تحت تصرفه ... معتبرا نفسه احد افراد شرائح الشعب الاعتيادية، له ما لهم وعليه ما عليهم، كقدوته سماحة الامام (قدس سره)، فقدكان هو كذلك. كان الشهيد حرا في فكره وتفكيره، حتى بالنسبة لافراد اسرته، فلم يجبرهم على اعتناق مبدا ما، او المسير في طريق ما ... وانما الهداية والاشراف منه والنصح، والاخذ بايديهم الى ما فيه كل خير وسؤدد، وهذا ما تجلى في نيله الشهادة، التي، طالما انتظرها بفارغ الصبر ... وما شهدناه من تشييع لجثمانه الطاهر، ان دل على شيئ، فانما يدل على ما احتله من مكانة رفيعة، ليس في ايران والعراق فقط، بل وفي كافة انحاء العالم، الذي وقف اجلالا واكراما لشهيد الاسلام الاصيل، والعقيدة الحاج قاسم سليماني ... حيث لم يتوقع الاعداء ولم يخطر ببالهم ذلك ابدا ... والى مزبلة التاريخ مصيرهم.
_______
_ نقلا عن موقع (جماران) الاخباري، بتصرف.
_ القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) .