انتظار الفرج ومعناه الصحيح
جعل الله هذا العيد السعيد مباركاً على جميع المسلمين وكافة المستضعفين لا سيما شعبنا.
ما اريد التحدث به اليوم إليكم، هو بعض التصورات المتداولة عن انتظار الفرج. فالبعض يرى انتظار الفرج في أن يجلس في المسجد أو الحسينية أو المنزل، ويدعو الله تعالى لفرج الإمام الحجة صاحب الزمان- سلام الله عليه-. إن من لديهم مثل هذا التصور هم أناس صالحون، بل أن بعض الذين أعرفهم كان إنساناً صالحاً للغاية وقد اشترى له حصاناً وكان عنده سيفاً، وكان على أهبة الاستعداد في انتظار الإمام صاحب الأمر- سلام الله عليه-. فأمثال هؤلاء كانوا يعلمون واجباتهم الشرعية وكانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولكن الأمر كان يقف عند هذا الحد. وفيما عدا ذلك لا يصدر منهم شيئاً ولم يكونوا يفكرون بفعل شيء فيما يخص هذا الأمر الهام.
على صعيد آخر ثمة جماعة ترى في انتظار الفرج بأن تدير ظهرها لكل ما يجري من حولها. فلا شأن لها بما يجري على الشعوب وما يعاني منه شعبنا، وكل همها هو العمل بواجباتها الدينية وفيما عدا ذلك فهو من مهام صاحب الزمان الذي سيأتي ويصحح كل شيء بنفسه. إذ يقول أفراد هذه الجماعة: نحن غير مسؤولين عما يجري وكل ما علينا هو أن ندعو لظهور صاحب الزمان. هؤلاء أيضاً كانوا أفراداً صالحين.
غير أن فئة ثالثة كانت تقول: حسناً، يجب أن يمتلئ العالم بالمعاصي حتى يمهد لظهور الإمام صاحب الأمر. يجب أن لا ننهى عن المنكر ولا نأمر بالمعروف وترك الناس يفعلون ما يشاءون لكي تزداد المعاصي ويقترب الفرج. بل هناك فئة تؤمن بأكثر من هذا إذ تقول: يجب التشجيع على المعاصي وارتكاب الذنوب حتى تمتلئ الدنيا ظلماً وجوراً مما يمهد لظهور الإمام الحجة- سلام الله عليه-. وبطبيعة الحال بين هؤلاء أناس منحرفون وبينهم سذج أيضاً، وكان المنحرفون يتطلعون إلى تحقيق أهداف خاصة.
وكانت هناك فئة تؤمن بأن كل حكومة تقوم في عصر الغيبة هي حكومة باطلة وتتعارض مع الإسلام، وأمثال هؤلاء إن لم يكونوا ألعوبة، فهم أناس غرتهم بعض الأحاديث الواردة بهذا الشأن نظير: إن أية راية ترفع قبل ظهور صاحب الأمر، هي راية باطلة. وكانوا يتصورون ذلك في أية حكومة. في حين أن أمثال هذه الأحاديث تشير إلى أن كل مَنْ رفع راية الى جانب راية الإمام المهدي، تحت عنوان (المهدوية)، فهو باطل.
لنفرض أن أمثال هذه الأحاديث موجودة. ألا يعني ذلك أن التكليف قد سقط عنا؟ ألا يتعارض هذا مع ضروريات الإسلام، مع القرآن، بأن ندعو إلى ارتكاب المعاصي حتى يأتي صاحب الأمر؟ لأجل أي شيء يأتي صاحب الأمر؟ يأتي لنشر العدل وبسط القسط، يأتي من أجل القضاء على الفساد. إننا إذا لم نَنْهَ عن المنكر ولا نأمر بالمعروف، ونعمل على إشاعة المعاصي، إنما نعمل خلافاً لنص القرآن الكريم. فعندما يأتي الإمام المنتظر ماذا يفعل؟ يأتي من أجل أداء هذه الأعمال. وفي الوقت الحاضر، أليس لدى الإنسان تكليف؟ هل تكليف الإنسان أن يدعو الناس للفساد؟ إن علينا حسب تصور هذه الجماعة التي بعض أفرادها ألعوبة وبعضهم جهلة ان نجلس وندعو لصدام. وان كل من يدعو على صدام فانه يساعد في تأخير ظهور الإمام المهدي. وان الذين يدعون لصدام إنما يفعلون ذلك كي يزداد الفساد .. علينا أن ندعو لأميركا وللاتحاد السوفيتي ولإذنابهم من أمثال صدام كي يمتلئ العالم بالظلم والجور ويساعد ذلك في ظهور الإمام الحجة. وإذا ما ظهر الإمام يعمل على إزالة الظلم والجور. فما نقوم به وندعو لزيادة الظلم والجور، يأتي الإمام المهدي ويعمل على إزالته ؟
والحقيقة هي، علينا أن نعمل للقضاء على الظلم والجور في أي مكان من العالم إذا كان في مقدورنا ذلك. إن تكليفنا الشرعي يدعونا إلى ذلك ولكن ليس بمقدورنا. وسيأتي الإمام المهدي ليملأ الأرض قسطاً وعدلًا، غير أن ذلك لا يسقط التكليف عنكم بأن تكفوا عن أداء واجبكم. نحن لدينا تكليف، ومَنْ يقول بعدم ضرورة الحكومة فهذا يعني أن تكون هناك فوضى. فإذا ما غابت الحكومة فسوف يعم الفساد البلاد بنحو ليس له حدود. فأي عاقل يقبل أن يظلم الناس بعضهم البعض الآخر كي يمهدوا لظهور صاحب الزمان!! و ماذا سيفعل صاحب الزمان حين يأتي؟ أليس القضاء على الظلم وبسط العدالة. فالإنسان إن لم يكن سفيهاً ولا مغرضاً ولم يكن ألعوبة بيد الآخرين، لن يقبل بمثل هذه الأفكار.