بسم الله الرحمن الرحيم
" ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل... " _ 58_ النساء.
كما اشارت اليه الايه الشريفة، فان الامانة والعدل حلقتان متلازمتان ومتماسكتان لا انفكاك بينهما. الامين يجب ان يكون عادلا ليؤدي امانته، والعادل يجب ان يكون امينا ليحكم بين طبقات الشعب وهم امانة لديه من الله تعالى، بالعدل. هكذا خط القران الكريم رسالة الانبياء عليهم السلام واوضح لهم مسار الحق والحقيقة، الذي هو الدين الاسلامي القويم، فالانسان لا يكون مؤتمنا وعادلا بالتخلي عن احدى هاتين الصفتين المتلاصقتين، مهما كان، خاصة الانسان المسلم، لكن الديانات السماوية الاخرى كاليهودية والمسيحية، ايضا، ارتكزت في كثير من تعاليمها على الامانة والعدل، رغم ان اتباعهما ابتعدوا عن ذلك، الى الحد الذي لم يبق فيه لديهم غير اسم ورسم ! ... بالطبع، ان حالة المسلمين اليوم، بشكل عام، لا تقل عما جاء انفا ! بابتعادهم عن اكمل دين وطريق حياة، ارتضاه الله تعالى لهم، فاصبحوا عبيدا لعبيد ! يتحكم فيهم من هو دونهم في كل شیئ ! حتى من حيث الانسانية وكرامة الانسان وعزته وسموه على سائر المخلوقات ! ان العالم، اليوم، تسوده الفوضى العارمة، او ما اطلقوا عليه (الفوضى الخلاقة) ! اي، القتل والنهب والتدمير للوصول الى هدف ما ! والحصول والتربع على عرش اعظم، اكبر واوسع على رقاب الناس، باسم حقوق الانسان وحرية الانسان ! وهم ابعد ما يكون عن ذلك، كما بعدت الثريا عن الثرى !
فـ" الانسان اذا ما ادرك حقيقة ان كل ما لديه هو من عند الله ومن عطايا ومنن الله عليه، الاولاد، الاموال، حتى نعمة الحياة. ان الانسان اذا ما ادرك هذا المعنى وامن به قلبه واطمان به، فسيدرك ان كل ما لديه هو امانة الله عنده، وان ما يفقده ليس الا امانة ردت الى صاحبها." (1) ... ونخلص الكلام، حيث المرمى والهدف ... الشعوب هي الامانة من الله تعالى عند حكامها. فهل هؤلاء امناء علی الودائع ؟ وما یقومون به تجاه عباد الله جل جلاله، والحفاظ على اماناتهم ؟
... سؤال واضح جوابه ومفهوم! فقد انقلبت المعايير وضاعت المقاسات في عصرنا الراهن، عصر الخديعة والمكر ! اللهم الا النزر القليل، من الانظمة التي تراعي ما تستطيع، حدود الله تعالى واماناته، كالنظام الذي انبثق عن الثورة الاسلامية المجيدة في ايران .
فالقتل والاغتيال واباحة الاعراض، امور اصبحت طبيعية وعادية، كما يقال، والهدف اذا ما تحقق خلال ذلك، فلا تانيب ضمير ولا حساب ولا كتاب ! ... حيث الشواهد كثيرة لا تحصى، وابرزها ما نراه اليوم في ارض امبراطورية الشيطان الاكبر، امريكا واقمارها، من سفك للدماء وحرمات تختفي تحت الاقدام والركاب ! ولا احد يشير اليها، لانها تجري في امريكا المتطورة والمتقدمة، عسكريا واقتصاديا وعربدة ! فلها حصة الاسد او اكثر من العالم، لتتربع عليه ! ومن يخالف ذلك فهو لا يستحق حتى الحياة ! ومعها (اي امريكا)، اقمار تدور في فلكها هنا وهناك، يصفقون للصنم الاكبر ويرقصون معه بسيوفهم التي علاها الصدا ! فاين هم من قائد فذ، افنى حياته في سبيل احقاق الحق واقامة العدل، وهو الامام الخميني (قدس سر ه) ... ؟
انظر اليه قائلا "لا يمكن اصلاح الانسان وحفظ حقوقه الا بالاستناد الى مبدا معنوي. كما اننا نرى كيفية تعامل الحكومات التي قامت على اساس التوجه الى الله مع الناس وكيفية تعامل غيرها من الحكومات، فنرى ذاك الحاكم (الامام علي عليه السلام)، كان يقوم بنفسه رغم اتساع رقعة حكومته وشمولها لكل تلك البلدان، بالتجول ليلا لتفقد احوال الضعفاء وتوفير ما يحتاجون، ثم يقول عليه السلام، انه يخشى ان يكون في اليمامة اوغيرها جائع، فلا يشبع نفسه خشية من ان يكون طعامه اكثر من طعام اولئك الجياع " (2) ... هذا هو الحاكم، العادل والامين الذي اختاره الله تعالى لحكومة عباده ... وهذا هو الامام الخميني (قدس سره) حفيده الذي قاد ثورة المستضعفين الاولى في العالم المعاصر، ضد دعاة الامانة والعدل وقتلة العباد ! ... هؤلاء قادتنا ... والغراب الاكبر، الشيطان قائد زمر السلب والنهب والغافلين والغاطين في سبات عميق! يقودهم الى الدمار والخراب وبؤر مستنقعات جثث متعفنة لا مفر لهم منها ! ...
ومن يكن الغراب له دليلا
يمر به على جثث الكلاب. (3)
_______
1_ صحيفة الامام العربية، ج 13، ص 358.
2_ صحيفة الامام العربية، ج 4، ص 258.
3_ منسوب للابشيهي. المستطرف ص 50.
_____
د. سيد حمود خواسته _ القسم العربي.