من بين كلمات الامام الخمینی الرائعة في جمع من الطلبة الجامعيين والإيرانيين المقيمين في الخارج في فترة حضوره في نوفل لوشاتو، شرح طريقة حياة وزعامة رؤساء الحكومة الاسلامية، فيما يلي مقتطفات من كلمته حول ذلك:
الإسلام هو الذي فتح كلّ هذه البلدان في نصف قرن كي يهدي شعوبها إلى الحياة الانسانية، ففتوحاته ليست كفتوحات السلاطين الآخرين مثل (نادر شاه). كلا، الحكم الإسلامي يبنى على الشخصية الانسانية.
ينبغي ان تلاحظوا سيرة زعماء الإسلام كالنبي الاكرم وبعده امير المؤمنين، فهل كانوا مستبدين؟! النبي الاكرم كان يجلس مع الناس بنحو ليس بوسع الغريب تمييزه عن الرعية والصحابة. هكذا كان جلوسه مع الناس، كجلوس الفقراء وكان يعيش حياة الفقراء ولا يتصرف ببيت المال الذي هو ملك للمسلمين.
وكان يرتقي المنبر ويطلب ممن له حق ان يقوم ويقتص منه، فلم يقم احد. لقد فعل- صلى الله عليه وآله- ذلك في أواخر عمره ولم يقم احد باستثناء شخص واحد قال له: ضربتني سوطاً دون حق. فأمر الرسول ان يقتص منه، فذكر الرجل بأن صدره كان عاريا فكشف الرسول عن صدره، فجاء الرجل وقبله. أي انه أراد بهذه الحيلة تقبيل صدر رسول الله.
هل تجدون مثل هذا الحاكم بين جميع حكومات الدنيا؟ هذا ما نبحث عنه نحن أيضاً، وطبعاً لن نتمكن من العثور على نظير له، ولكن نريد حاكماً يعمل ببعض أحكامه، فلا يخون شعبه ولا ينهب ثروات ويعطيها لاميركا والدول الاخرى، ويبني بها قصوراً له ولاولاده وعشيرته.
عندما رحل النبي عن هذه الدنيا لم يكن يملك شيئاً، وهكذا كان حال الحاكم الثاني الذي شملت رقعة حكومته الشرق بأسره واجزاء من أوروبا، فقد كانت له فروة خروف ينام عليها في الليل هو وزوجته فاطمة الزهراء- سلام الله عليها- ويضع عليه في النهار طعام بعيره ليعتلف منه، فلم يكن له بلاط وعرش كما هو حال صاحب الجلالة الشاه. بل كان يعمل مثل سائر العمال ولكن ليس لجمع المال بل لوقفه في سبيل الله. حتى أنه حينما بويع للخلافة أخذ الفاس والمسحاة وذهب للعمل الذي كان يقوم به. وعندما حفر تلك البئر وتفجر الماء باركوا له على ذلك، فأجابهم بان يوجهوا تهنئتهم للورثة!! ثم طلب دواة وصحيفة وأوقف تلك العين. هكذا كانت سيرته وحياته.
نحن نبحث عن مثل هذا الحاكم ولن نجد له نظير طبعاً، وقد أخبرنا هو بنفسه عن عدم قدرتنا على ذلك، ولكنه اوصانا بالتقوى، لذا نحن نبحث عن حاكم تقي يتحلى بالتقوى السياسية فلا ينهب ثروات الشعب ولا يضيّعها. هذا ما نبحث عنه.
هذا ما نريده عندما نقول نريد حكومة إسلامية، أي نريد حكومة يكون الحاكم فيها شبيه- إلى حد ما- بهؤلاء الحكّام.
فمتى كان هؤلاء إستبداديين كي يقلق أولئك السادة بشدة من الحكومة الإسلامية! واي ديكتاتورية فيها وهي تمثل حكومة القانون.
فلو إرتكب الرجل الاول في بلدنا- في ظل الحكم الإسلامي- مخالفة أو ظلماً أو إعتدى على أحد، عزله الإسلام، لانه يفقد اهلية الحكم، فهل هذه حكومة إستبدادية؟!
إنها تمثل حكم القانون الإلهي، بحيث لو اشتكى احد الحاكم- وهو الرجل الاول في الدولة- إستدعاه القاضي ولأستجاب هو ايضاً وذهب للمحكمة كما فعل الامام علي. وما نريده نحن هو هذه الحكومة المعبرة عن حكم القانون، وليس أي قانون بل القانون الالهي وتشريعات الإسلام التقدمية. (صحيفة الامام الخميني، ج4، ص:280- 281)