الرحمة... الرحيم... الرحمن، ومايرتبط بهذه الكلمات من معانٍ شتّى كثيرة، وماتحتويه من مضامين، وماقام به العلماء، الباحثون والمفكرون، من دراسات وشروح جمّه حولها، والقراءة التي يتناولها الكثيرون في معانيها، ادّت الى ان تكون رشقات مطر ممتد بعد جدب طويل، تُنبت الزرع وتكسو الارض اليابسة، ببساط اخضر، ينعم به الانسان قبل الحيوان... وادّت كذلك الى ان يتخذها المتشدّقون باسم الأسلام، خاصة، ذريعة للقتل وسفك دماء الابرياء وحرق الارض الخضراء، كما هو الحال في الشعارات التي يرفعها الدواعش واصحاب اللحى الشيطانية، كالمتحجرين والضالين المضلين من الوهابية، ولو، القينا نظرة خاطفة على الكلمات المذكورة اعلاه، في القرآن الكريم ومارُوِي عن الرسول الاعظم (ص)، لأتّضحت لنا حقيقة ماتعينه وماتتضمنه، فالقرآن الكريم، عندما تبدأ سوره الشريفة بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، يُشير الى ان (الرحمن والرحيم) مُقترنان باسم الله تعالى، وانه، هو، فقط، الرحمن والرحيم بكل ماتحتويه الكلمتان من امور وتعاليم، نشقّ بها طريق الظلمة و نُنَوّرُ بها عقولنا قبل افئدتنا... وعندما ننظر الى اشرف واعز خلق الله تعالى والرسل اجمعين، نرى الكلمات تلك، مصابيح عملاقة على طريق الانسانية كلّها، وماقول الله عزوجل مخاطباً رسوله الاكرم (ص).. " وماارسلناك الاّ رحمة للعالمين" انبياء، 107، الاّ دليل واضح على ذلك، فالرسول الاعظم (ص)، رحمة من الله تعالى، والى مَن؟ ... الى (العالمين)... جاء لينقذهم من النار التي تحولقوا حولها وهم على حافة السقوط فيها!
ولكّن المنحرفين وعبيد الشيطان، اَبَوا الاّ انْ يُدبِروا عنها ويُقبلوا على الشيطان، ليستعبدوا عباد الله تعالى، الذين وُلدوا احراراً!.. وجاء حفيد النبي (ص)، الامام الخميني (قدس سره)، ليخطو على المسار الذي سار عليه قبله جده الاعظم (ص) والائمة الاطهار (ع)، وكل اتباع الحق والرحمة، ففجّر ثورة، هزت اركان الظلم والطغيان في العالم، واعادت الى الاسلام، وجهه الناصع، بعدما اعتلاه غبار اسود كالح من المتحجرين واصحاب البِدَع والتكفيريين! وارتكز على عباد الله تعالى، ابناء الشعب الايراني المسلم، خاصة، لتهشيم الاصنام التي اقامها الطاغوت الشاهنشاهي مؤتمراً بأمر اسياده الامريكان، ومُنصاعاً لهم، لتمرير مشروعهم الجهنّمي وزرع الفساد واشاعة الأباحة والابتعاد عن دين الله عزوجل، لأتّخاذ دين الشيطان ديناً وسلوكه، سلوكا! فذلك، حسب ماقالوا ويقولون، الطريق الامثل لـ: (بوّابات الحضارة العُظمى!)، حضارة الدعارة والخضوع والاتّجار باسم الاسلام، لمحو الاسلام! وهذا مااشار اليه الامام (قدس سره)، ووقف بوجهه، كالطود الشامخ، لاتلومه في ذلك لومة لائم، واقام حكم (الرحمة) والحق، على انقاض حكم الطاغوت! ورأي سماحته (قدس سره) في حكومة النبي(ص)، اَرْوع مثال لحكومة الله تعالى، وهي حكومة الشعب، يحكم نفسه بنفسه...
مُعتبراً ان الرحمة والرأفة، رمز الوحدة وحيوية الحياة الفردية والاجتماعية، مقتطفاً ذلك من ثِمار التعاليم الدينية، وقد تجلت الرحمة والرأفة وماترتبط به حياة الانسان الفردية والاجتماعية، في تأليفاته المختلفة كـ : (شرح حديث جنود العقل والجهل) وصحيفة الامام وحسب رؤية الامام (قدس سره) فان ماقام به الاسلام والانبياء (ع)، لم يهدف لترسيخ حكومات جائرة، ظالمة، بل، كان الهدف من ذلك، هداية الانسان في سبيل الله تعالى، وانقاذه وتحريره من نفسه! على عكس ماتقوم به الانظمة الاخرى، لاغراض دنيوية، تهدف من ورائها الى استبعاد الانسان! والنتيجة هي العنف والظلم والتعدي، على حقوق الشعوب وابادة ممتلكاتها، وانّ مسار الانبياء (ع) هو مسار الله عزوجل، ومسار الطاغوت هو مسار الشيطان..." فليس الفتح في الإسلام للتملّك، وليس أخذ البلدان في الإسلام للحكم، فلا مكان للجور فيه، وإنما الفتح لإيصال الناس إلى الكمال. ففتوح الإسلام غير فتوح الأنظمة الأخرى، ففتوح تلك الأنظمة للدنيا، وفتوح الأنبياء لله ابتغاء تذكير الناس بربّهم (صحيفة الامام،ج 8، ص215 (واعرب سماحته (قدس سره) في ان تكون العلاقات بين الدول المختلفة، على اساس العدالة والاخوة والمحبة وليس علاقات حاكم ومحكوم! "فالإسلام لا يعير القيادة أهمية حتى إنّ كبار الإسلام وإجلّاءه هم قادة روحيّون، إلا أنّ هذا الأمر لم يكن بذي أهمية لديهم، ولئن أكن خادماً لكم أفضل من أن أكون قائداً. وآمل أن نبذل ما بوسعنا لترجمة تطلعات الإسلام السامية، ونتقدم إخوة في الدين، إخوة إسلاميين، إخوة إيمانيبن. إن احتفظنا بأخوتنا وتقدمنا في صف واحد واتّكلنا على الله تبارك وتعالى. (صحيفة الامام، ج 11، ص282)