بمناسبة ميلاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء
د.سيد حمود خواسته
كان الامام (قدس سره)باعتباره رجل علم ودين وحكمة، ينظر الى المرأة نظرة خاصة، تليق بها كرفيق للرجل طوال حياته، وكأم تربى الاجيال في احضانها. وهذا بالطبع، يرتكز على ماتقوم عليه فكرة الامام (قدس سره)بالنسبة لما سبق. فقد نظر سماحته إلى المرأة، قبل الثورة الاسلامية المباركة وما كان يحيط بحياتها من امور شتى، ابعدتها عن هدفها الحقيقي وعن هويتها الحقيقية، ونظر سماحته اليها بعد الثورة الاسلامية وما قدمته الثورة للمرأة وما اعادته لها في شتى شؤون الحياة، معتبراً ان النموذج الاول والاخر للمرأة المسلمة يتجسد فى شخصية البتول الزهراء سلام الله عليها في كل ما ترنو وتصبو اليه المرأة ليس فقط في ايران والدول الاسلامية الاخرى بل وفي كل انحاء العالم، مهما اختلفت المشارب والمذاهب والالسن والقوميات. فالزهراء سلام الله عليها، كانت وما تزال وستبقى النبراس والنجم الساطع الذي يضئ طريق المرأة اينما كانت. فالمرأة في ايران، الّا ما ندر، كانت تعتبر وسيلة (اقتصاد ولذة!)كما هو الحال في الغرب.. فقد كانت آلة بيد هذا وذاك، للقيام بادوار معينة فى اماكن خاصة..تبث من خلاله، الفساد وتروج الرذيلة والابتعاد عن الاخلاق والعفة، وقداطلقوا على ذلك اسماء برّاقة.. كالحضارة.. والفن.. والثقافة وماشابه ذلك.. فكان في نظرهم انّ المرأة المتحضرة أو الفنانة أو المثقفة يجب ان تكون متعرية، مقلدة للمرأة في الغرب، حتى في حديثها ومشربها ومأكلها!... وجاءت الثورة الاسلامية في ايران.. وجاء الامام (قدس سره)على رأسها فقلب الامور رأساً عن عقب! لقد احست المرأة انها تعود رويداً.. رويداً.. إلى مكانتها الحقيقية وإلى هويتها كما ارادها الاسلام..، فشاركت جنباً إلى جنب مع اخيها الرجل في كافة مراحل الثورة الاسلامية منذ انطلاق مراحلها الاولى.. سائرة على طريق الصديقة الطاهرة (ع).. وكان المرشد والدليل في هذا الطريق الامام (قدس سره).. ومما قاله سماحته في يوم المرأة، الذي تم اختياره، يوم ميلاد الزهراء سلام الله عليها:
«ابارك واهنئ ذكرى الميلاد السعيد للصديقة الطاهرة، الذي هو افضل يوم لانتخابه يوماً للمرأة، للشعب الايراني الشريف وخصوصاً النساء المحترمات لقد حدثت هذه الولادة السعيدة في زمان ومحيط لم تكن المرأة، تعد انساناً، بل كانت الامم المختلفة في الجاهلية، تعتبر وجودها مدعاة للذلة والعار لاهلها.»[1]
فالمرأة حسب نظرة الامام الفاحصة، هي منشأ الخير وصانعة الاجيال. حيث يقول:
«امنشأ كل الخيرات.لمرأة دور المرأة في العالم يمتاز بخصوصيات معينة. صلاح وفساد أى مجتمع مربوط بصلاح وفساد المرأة في ذلك المجتمع.»[2]
فقد ربط سماحته، صلاح، صلاح وفساد المجتمع بأسره، بصلاح وفساد المرأة، ذلك بأن المرأة الصالحة هي التي تربى ابناء صالحين والمرأة الفاسدة عكس ذلك. هكذا اراد الله تعالى للمرأة أن تكون على فطرتها التي فطرها عليها..صافية.. خالصة.. مربية للجيل الصالح واُماً صالحة تخطوعلى خطوات الزهرا وزينب (ع).. حتى اذن تحتاج إلى بيئة مناسبة لشخصيتها وهويتها ليتم اعدادها فيها وتربيتها احسن تربية.. فالمرأة الأم، هي مدرسة كاملة لوحدها، كما قال احد الشعراء الكبار:
الأم مدرسة إذا اعددتها اعددتَ شعباً طيّبَ الأعراقِ
فقد اصبحت المرأة في ايران، خلال الثورة الاسلامية المباركة، نموذجاً لكل النساء في الدول الاسلامية خاصة. فهذه الدكتورة سلوى حموراني استاذة العلوم الساسية في جامعة تونس ، في مقالة لها حول التحول الديموقراطي في تونس، تذكر ان مشاركة المرأة في الثورات كانت حجيه في ثورتين، الثورة الاسلامية في ايران والثورة الفرنسية، وكان لها الدور البارز في انتصار الثورتين، لاسيما الثورة الاسلامية، وقد اتخذت المرأة التونسية ذلك، منهجاً لها في نهضتها ضد حكم الطاغية زين العابدين بن علي[3].. فهذا هو الاسلوب الناصع الذي يجب ان تسير عليه المرأة، متجلّياً في قدرة الله تعالى في بيت الزهراء (ع)كما قال الامام (قدس سره): «لقد قدم بيت فاطمة (ع) الصغير والافراد الذين تربوا فيه مع قلة عددهم الذي لم يتجاوز الخمسة اشخاص ولكن جسد في الحقيقة قدرة الله تعالى.. قدم خدمات أثارت اعجابنا واعجاب البشر جميعاً. ونعلم جميعاً ماذا مثلت خطبة فاطمة الزهراء (ع)امام الحكومة، وقيام وصبر اميرالمؤمنين خلال خمس وعشرين سنة.»[4]
اما الانشطة التي قامت وتقوم بها المرأة في ايران الاسلامية بعد الثورة.. فهي كثيرة متنوعة، مشاركة الرجل في ذلك، كما ذكر الامام (قدس سره): «السيدات الايرانيات قد قمن بنشاطات في كل المجالات، سواء النشاطات الثقافية والنشاطات الاقتصادية، حيث يشتغل عدد كبير منهن بالزراعة وعدد كبير آخر في الصناعة وفئة اخرى في الثقافة والادب والعلم والفن وكلهن يحضين بالشكر عند الله تبارك وتعالى.»[5]
ومما اوصى به الامام (قدس سره)المرأة، الالتزام بالحجاب الاسلامي، فهو يقيها مما قد تتعرض له من مساوئ شتّى. قال سماحته «..ان الحجاب فرضه الاسلام للمحافظة على قيمكن وان كل مالأمر الله به – سواء للمرأة أو للرجل – انما هو من اجل القيم الواقعية.»[6]
فللمرأة، في نظر الامام (قدس سره)دوراً مهمّاً ورئيسياً في كافة شؤون المجتمع الذي تعيش فيه، وإذا ما تعرض المجتمع إلى تيار يعصف به، وماأكثر ذلك في عصرنا هذا، فان دور المرأة يصبح قيادياً مرشداً المجتمع إلى بر الامان سواء كان ذلك في الحرب او السلم. قال سماحته حول دور المرأة في الشؤون العامة ولاسيما في مساندة المقاتلين والمدافعين عن الاسلام في جبهات القتال والجهاد. «انتن ايتها السيدات إلتفتن إلي هذه النقطة جيداً، كما يجب على الرجال المبادرة إلى الجبهات، يجب عليكن تقديم العون خلف هذه الجبهات، وتجهزن فيما لو وجب النفير العام – لاقدر الله – أي أصبح الدفاع واجباً على كل مستطيع بلا استثناء، تجهزن للدفاع عن البلاد.»[7]
[1] صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج14، ص: 249
[3] الملحقية الثقافية لسفارة جمهورية ايران الاسلامية - تونس
[4] صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج16، ص: 75
[5] صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج19، ص: 166
[7] صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج20، ص: 15