المرأة في نظر الامام الخميني ( قدس سرّه) من أهم المؤثرات التي تؤثر في أركان النظام الاجتماعي لأيِّ مجتمعٍ و صلاحها وفسادها يؤثر بشكل حيويٍّ في ذلك المجتمع.
" بالرغم من أنَّ التشيع لم يطرد المرأة من مسرح الحياة، بل وضعها في مكانتها الانسانيّة الرفيعة في المجتمع".
من هذه الناحية فإنّ نظرة الامام( قدس سرّه)الانسانيّة – الاسلاميّة للمرأة تفسَّر ضمن إطار نظرة الاسلام الرفيعة للمرأة.
حقيقة الانسان متجلِّيِة في روحه ووجوده لا في جسده و بدنه يجب معرفة الرجل والمرأة من الناحية الانسانيّة و ليس من الناحية الجسمانيّّة الظاهريّة.
ويعتقد الامام( قدس سرّه) لكونه من ابناء مذهب تحرير الأسلام في عصر الجاهلية الحديثة بإحقاق الحقوق الفرديّة والاجتماعية للمجتمع النسويِّ وقد حاول إعادة الهوية الحقيقية للمرأة.
في توضيح مكانة المرأة من وجهة نظر الامام ( قدس سرّه) توجد محاور متعددة في رؤيته سنتاول باختصار بعض النماذج منها:
توضيح نموذج المرأة المسلمة:
أكّد الامام( قدس سرّه) في هذا المجال علي محور توضيح الشخصية النموذجيّة لنساء الأسلام الخالدات، كالسيّدة فاطمة الزهراء(س) والسيدة زينب(س) و في صياغة النموذج الأمثل للمرأة المسلمة في دورها الاجتماعي يؤكِّد على حضورها الموثّر و الفعّال ضمن رعاية القوانين والقواعد الاسلاميّة.
وصف الحالة الاجتماعيّة والثقافيّة قبل وبعد الثورة الاسلاميّة:
تتركز أفكار الامام( قدس سرّه) في هذا المجال حول أضرار الوضعيّة الاجتماعيّة – الثقافيّة للنساء قبل الثورة الاسلاميّة وتوضيح مكانة و دور المرأة المسلمة القيّم في الحركات الاسلاميّة.
طرح الحلول الاجتماعيّة، السياسيّة والثقافيّة المرتبطة بمسألة المرأة:
يعتقد الامام( قدس سرّه) في معرض طرح آرائه بالنسبة للمرأة وفي مختلف أزمنة النهضة الاسلاميّة أنّ " للمرأة دوراً كبيراً في المجتمع . المرأة مظهر تحقيق آمال البشر، المرأة مربِّيةُ النساء و الرجال العظام، المرأة مربِّيةُ المجتمع، مربيّة البشر هي المرأة، سعادة وشقاء الدول مرتبط بوجود المرأة. المرأة بتربيتها الصحيحة تصلح الأنسان، وبتربيتها الصحيحة تُعمِّر البلاد".
أساس كلِّ السعادات حضن المرأة:
" المرأة منشأ كلِّ الخيرات. دور المرأة في العالم يمتازُ بخصوصيات ٍ معينةٍ. صلاح ُ وفسادُ ايِّ مجتمعٍ مربوطٌ بصلاحِ وفسادِ المرأة في ذلك المجتمع".
نساءُ عصرنا أثبتن دورهُّن الجتهادي إلى جانب الرجال بل تقدّمن عليهم. هؤلاء إذ هُّن مظهر العفة و الطهارة، كُنّ السبّاقات في النهضة وكُنّ السبّاقات في التضحية بأموالهنّ".
للعائلة في النظام الفكريّ للامام الخمينيّ( قدس سرّه) مكانةٌ خاصةٌ جداً. هذا البنيان الاجتماعيّ هو عنوان لبروز وظهور العواطف الأنسانيّة وركنٌ اساسيّ في إستقامة أيّ مجتمع وللأمّ دورٌ أساسيٌّ في تربية أطفالها. ويقول الامام( قدس سرّه) في هذا المضمار:" حضن الأمِّ أكبر مدرسةٍ يترّبي فيه الأبناءُ والتربية ُ هي وظيفتها، العظماء قد تربّوا في احضان أمهات عظيمات".
إشارة الممام ( قدس سرّه) إلي دور المرأة الأمِّ:
" القرآن الكريم صانع الشخصية الأنسان، والنساءُ أيضاً يصنعن شخصية الانسان" وفقاً لهذا القول يري الامام الخمينيّ(قدس سرّه) أنّ وظيفة الأمهات مساويةٌ لوظيفة الأنبياء، وسعادةُ وشقاءُ الأمة، الدولة والدين مرتبطة بتربية الأمهات.
و في مكان آخر يقول:" ليحفظكن الربُّ لتربية الأجيال إذ هي عملُ و مهمة الأنبياء" اذا ما ربّيت طفلاً بشكل سليم وجيد، من الممكن أن يكون هذا الطفل يبني أمة بأجمعها. و اذا ما تربيّ طفلٌ غير سليم وشرور- لا سمح الله- في احضانكن، قد ينشر الفساد في مجتمعٍ بأسره". لذا فإنّ الامام( قدس سرّه) كان يري أنّ منبع أكثر الحوادث الإجراميِة والمفاسد الاجتماعيّة هو في عدم درك محبة الأمهات، وكان يعتقد أنّ أوّل ملجأ يلجأ إليه الطفل في الشدائد ومصاعبِ الحياة هو الأمُّ ولا يوجدُ أيُّ دواء أو علاج يعادل ألطاف ومحبة أمٍّ ترى أنّ أحد أبنائها مُبتل ولا يعوّضه أيّ شيءٍ من أجل تهدئته و التأثير عليه. الأمُّ فقط تمنحُ ابناءَها الطمأنينة والأمان.
إشارة الامام إلى الحضور ودور المرأة في المجالات الاجتماعيّة و...
من جهةٍ أخرى أكّد الامام( قدس سرّه) على الثقافة التربويّة المناسبة لأجل توفير الشروط المناسبة لحضور النساءِ المسلمات الفعّال في المجالات الأجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة، و التي يمكن تلخيصها بما يلي:
- دور المرأة في تربيةِ وبناءِ أبناء المجتمع الاسلاميِّ وسهمها البارز في الثورة الاسلاميّة.
- حاجةُ المجتمع الاسلاميِّ إلى وجود وحضور وجهاد النساء من أجل تطوير وبناء مجتمعٍ سليم.
- حريةُ المرأة ومشاركتها في مختلف المجالات، ومن جملتها النشاطاتُ الاقتصاديّة.
و نستنتجُ من مجموع آراء وبيانات الامام ( قدس سرّه) أنّ المرأة المسلمة ليست قادرة فقط على أداء دورها السياسيّ والثقافيّ في المجتمع الاسلاميِّ ، وإنّما تستطيع وبشكلٍ جيدٍ أن يكون لها تأثيرَها ودورها في النشاطات والفعاليات الاقتصاديّة.
كان يري أنّ ارتقاءَ شؤونِ المرأة الاجتماعيّة ، مشاركتها السياسيِّة و الاجتماعيّة، وتدخلها في تعيين مصيرها، لا يمكن في حصولها علي حقِّها الطبيعيِّ فقط وأنّما هو واجبٌ شرعيُّ وأداء للوظيفة الدينيّة وإستجابة للدعوة الألهيّة.
هذا هو النموذج الذي يجعلنا نتعرّفُ أكثرَعلي ديننا، ويساعدنا في ذلك، من أجل تكريم شخصيّة المرأة، حماية حقوقها الاجتماعيّة والسياسيِّة والتأكيد على مشاركتها وحضورها في المجالات المختلفة، ووقياساً ببقيةِ الأنظمةِ فأنّ لها مكانتها المتميِّزة.
من وجهة نظر الامام ( قدس سرّه) المرأة هي محور التوسعة وركنٌ أساسيّ واصليٌّ للنظام الاسلاميِّ ويجب منحها المساواة في دورها الأنسانيّ والاستفادة بشكلٍ أفضل من قدراتها الانسانيّة و البانية لكلِّ الأمور الأجتماعيّة، لكي يمكن الاستفادة منها بشكل أفضل و أحسن.