في بعض السنوات كان الامام يذهب إلى مدينة (محلات) في فصل الصيف.. وفي صيف عام 1325 قرر المجيئ الى محلات. وفي هذه الاثناء طلب علماء الدين في المدينة، ممن كانوا على صلة وثيقة بالامام، أن يضعوا احد المساجد تحت تصرفه كي يتسنى للمؤمنين الاستفادة من وجوده. فرفض سماحته قائلا: إتركوني لحالي واهتموا بشؤونكم. وما أن مضت أيام معدودة من شهر رمضان، حتى قيل له: الآن حيث رفضت إقامة (الجماعة)، لتكن لسماحتك _ على الاقل _ جلسة يستفيد المؤمنون من وجودكم.. وبعد نقاش طويل وافق الامام على إقامة مثل هذه الجلسة.. وكانت تقام في الساعة الخامسة عصرا من ايام شهر رمضان في أحد المساجد وسط المدينة.. كان الامام يجلس على الارض متكئاً الى احد اعمدة المسجد، وكان الطلبة يلتفون من حوله.. وفي هذه الجلسات رأيت أمرين ملفتين لا أنساهم. احدهما، أنه في اليوم الاول جاء عدد من العلماء والافاضل وحضروا الجلسة.. فقال لهم الامام بعد انتهاء الجلسة: اذا ما اردتم الحضور بهذه الصورة فسوف امتنع عن إقامة الجلسة. فلابد من مراعاة مقامكم وصيانة منـزلتكم الاجتماعية. الامر الآخر هو أن عرفاً كان متبعاً لدى طلبة العلوم الدينية يقضي بأن يطلقوا الصلوات على محمد وآل محمد اذا ماحضر احد العلماء اكراماً لقدومه. وعندما كان الامام يدخل المسجد كان احدهم يبادر الى ذكر الصلوات. بعد انتهاء الجلسة الاولى استدعي الامام هذا الشخص وقال له: »هل تقصد بهذه الصلوات قدومي، ام أنها من اجل الرسول الاعظم؟ فان كنت تذكر الصلوات من اجل الرسول الكريم فحاول أن تذكرها في وقت آخر. وان كانت من أجلي لدخولي المسجد، فأنا غير راض«.. وأنا أتصور ان الامام اراد أن يقول باسلوب بليغ: (ايها الاخوة المسلمون الاعزاء! انتم الذين وجدتم لانفسكم بدلة الصوف وترتدون البنطلون والجاكيته وتفخرون بحالكم وتغترون؛ هل سألتم أنفسكم ان قماش الصوف هذا من اين جاء؟ أليس هذا الصوف هو نفسه الذي كان يكسي ظهر الخروف؟ إلا أنه لم يتفاخر به. وان نفس هذا الصوف قد تم غزله وصبغه واصبح جاكيت وبنطلون، وغيرّ حالكم فجأة!. فأي تعاسة هذه بأن نمني أنفسنا بمثل هذه الاشياء الواهية.
*حجة الاسلام سروش محلاتي