السؤال:ماهي ضيافة الله؟ ماهي درجاتها؟ وماهي الآفات والموانع في طريق ذلك؟
الجواب: النص التالي، جواب مختار من خطاب حضرة الامام (قدس سره)، في جمع من المسؤولين في البلاد، بتاريخ 8/3/66 هـ.ش (29/05/1987)
أعتقد أنّ هذه الضيافة التي دعيتم لها- أيها المؤمنون- ضيافة الله، لقد دعينا لضيافة الله، وضيافة الله في عالم المادة هي التي تجنبنا جميع الشهوات الدنيوية، هذه المرتبة المادية لضيافة الله، فعلى كافة المدعوين لهذه الضيافة أن يعلموا بأنّ ضيافة الله في هذه الدنيا عبارة عن التغاضي عن الشهوات، و ترك ما ترغب به روح الانسان الطبيعية، فيجب الاقلاع عن كل ذلك.
هذه ضيافة الله، وما هي إلا ظل للضيافات المتحققة في عالم الوجود، وكل ما في الأمر أنّها تظهر في عالم المادة بشكل ترك الشهوات الطبيعية والجسمانية، وفي عالم المثل بشكل ترك الشهوات الخيالية، وفي عالم بعد المثل بشكل ترك الشهوات العقلانية والروحانية.
تتحق الشهوة في كل مكان بشكل معين؛ ففي هذا العالم تتحقق بالشكل الذي تعلمون، وفي العالم المثالي تكون شهوات الانسان أكبر بكثير من شهواته في عالم الطبيعة، وكبح جماحها أكثر مشقة وعسراً أيضاً؛ فضيافة الله هناك هي أن يدع الانسان الشهوات، كالشهوات النفسية التي ينهمك بها عالمنا.
أما الشهوات العقلانية التي هي أرفع درجة من هذه الشهوات فيجب التخلي عنها هناك أيضاً. والشيطان موجود في جميع هذه المراتب، من أجل صدكم عن استثمار هذه الضيافة؛ يصدكم في عالم الطبيعة وفي عالم الخيال والمثل وفي عالم العقل أيضاً، والتخلي عن الآمال
العقلانية أصعب من التخلي عن غيرها؛ الآمال النفسانية الأوطأ درجة من الآمال العقلانية أضرمت النار في العالم.
تنشأ جميع الحروب والنزاعات في هذا العالم، سواء ما وقع منها في نفس العائلة أم الواقع في العالم بأسره، والذي يمثل عائلة أيضاً، تنشأ من طغيان وتمرد النفس.
إنّ ضيافة الله هناك التي دعينا لها هي أن نتخلى عن شهواتنا النفسية، وهذا أمر عسير جداً.
هذا العالم ظل لذاك العالم، وذاك روح لهذا، والشهوات العقلانية التي ألقت بظلالها في أغلب أنحاء العالم أرفع درجة من الشهوات الروحانية والنفسية والجسمانية، وضيافة الله الموجودة هناك ايضاً تتحقق بترك الشهوات.
لاتطبق ضيافة الله إلا بالتخلي عن كل ذلك؛ لأنّ الضيافة تعني حضور المدعو لدى صاحب الدعوة، وهو الله سبحانه وتعالى، ونحن على أثر هذه الدعوة نرد عليه جل وعلا.
هل تخلينا عن شهواتنا الجسمية فضلًا عن الشهوات الخيالية والنفسية والعقلانية في هذا الشهر الشريف عندما وردنا هذه الضيافة؟
هذا يرتبط بالشخص نفسه، فعليه أن يتروى وينظر ما فعل؛ هل لبينا دعوة الله تعالى لما دعانا فحضرنا مجلسه؟ وهل استجبنا لدعوته كي نستفيد أم لا؟
كل هذه مراتب لتلك الضيافة، فبالاضافة الى هذه الضيافة هناك ضيافة العارفين، فقد دعا الله الجميع لهذه الضيافة، فيرد العارفون والكُمّل من الأولياء أيضاً، ويستطيعون اجتياز الاختبار الذي نادراً ما يجتازه أحد. فوق كل هذه المراتب مرتبة سامية تخلو من الضيافة؛ فلا ضيافة ولا مضيف ولا ضيف.( صحيفة الإمام الخميني، ج 20، ص 221-220)